عادي
تفقد البيئات الإماراتية المشاركة في أيام الشارقة التراثية

عبدالعزيز المسلم: تراثنا الإماراتي الأصيل كنز خالد

17:45 مساء
قراءة 6 دقائق
من الجولة الميدانية
من الجولة الميدانية
من الجولة الميدانية
ركن تراث من ذهب
د.المسلم يهدي درع المعهد إلى الشيخ عبدالرحمن ال ثاني
ركن تراث من ذهب

أجرى د.عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة التراثية، جولة ميدانية يرافقه الشيخ عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، لعدد من الأركان المشاركة والفعاليات المقامة ضمن الدورة العشرين من المهرجان في ساحة التراث بمنطقة قلب الشارقة.

وأكد المسلم أن «تراثنا الإماراتي الأصيل المتنوع هو الكنز الخالد الذي نستلهم منه مصادر التطور وموارد الاستدامة، ونستند إليه في حفظ تاريخنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا المتوارثة جيلاً بعد جيل»، لافتًا إلى أن البيئة الإماراتية نموذج فريد للتنوع وارتباط أهلها بالأرض والجبل والبحر والصحراء في علاقة باقية ونابضة بالحياة، ثرية بالعطاء، مفعمة بالوفاء المتبادل.

وأجرى د.المسلم زيارة البيئة الجبلية، حيث استُقبل بأداء فن الندبة الإماراتية التي تعكس مظاهر الاحتفاء والعزوة والحماس والقوة، وخلال استضافته من فريق العمل المشرف على البيئة، جرى النقاش حول العادات والتقاليد التي تميز البيئة الجبلية الإماراتية وقصص المقيظ ومناطقها المختلفة، قبل أن يختتم زيارته بالاطلاع والاستماع إلى شرح واف حول المعروضات والمنتجات التراثية المرتبطة بهذه البيئة.

وعلى أنغام ورقصات الرزيف، ومجموعة فن العازي يقودهم شاعر بصوته الجهوري المفعم بالفخر، اطّلع المسلم على معالم وعناصر البيئة الصحراوية البدوية، التي يشتهر أهلها بالكرم وحسن الضيافة، ويتميزون بالمهارة والصبر تجاه قسوة الحياة وظروفها الصعبة.

وانتقل المسلم إلى البيئة الزراعية، واطّلع على حكاية التحدي في سبيل صناعة الحياة واستثمار الأرض وإنمائها، مستخدمين في ذلك أدوات بسيطة لأداء حرف يدوية يحفظون بها غذاءهم ويروون أشجارهم.

واختُتمت الجولة بالمرور على البيئة البحرية الساحلية، التي اتخذت من البحر وساحله وجهة لطلب الرزق، وواجهت لأجله الأهوال والمصاعب، وسبرت في سبيله الأعماق بحثًا عن الخير والدر الثمين، حيث استمع المسلم إلى شرح متكامل حول عناصر هذه البيئة وسفنها وأدواتها ومهنها المختلفة، قبل أن ينهي جولته بالاستماع ومشاهدة أداء مجموعة لفن النهمة البحري بنغماته الفريدة وشعره المميز.

وشملت الزيارة الاطّلاع على ركن مدرسة القاسمية القديمة، وركن حارة الخبازين، ودوار السعادة في قلب ساحة التراث.

واستمع الضيف الزائر الشيخ عبدالرحمن آل ثاني من د.المسلم إلى تعريف بأهداف ورسالة معهد الشارقة للتراث، ونجاحاته في ظل ما يحظى به من رعاية كريمة ودعم مستمر وتوجيه دائم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ما أسهم في تحقيق العديد من الإنجازات على صعيد صون التراث وحفظ الهوية، وإبرام الشراكات الاستراتيجية الفاعلة التي يقيمها المعهد مع المنظمات المحلية والعالمية المعنية بالتراث الثقافي المادي وغير المادي ومنها منظمة اليونسكو والألكسو، فضلاً عن إسهامات المعهد في بناء القدرات وإعداد القيادات المستقبلية، وطرح الدبلومات المهنية، وكذلك تنفيذ المبادرات والمشاريع النوعية مثل أيام الشارقة التراثية، وجائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي، والإشراف على إدارة وتفعيل بعض المباني التراثية في الإمارة وغيرها من النجاحات.

صناعة المشغولات اليدوية التراثية

بأنامل إماراتية ومصرية وعمانية ومغربية وإسبانية، يتعرف زائرو فعاليات أيام الشارقة التراثية إلى مجموعة من المشغولات اليدوية التي تصنع مباشرة من قبل الحرفيين الشعبيين في قرية الحرف التراثية.

فمن دولة الإمارات العربية المتحدة شارك كل من وزارة تنمية المجتمع في رأس الخيمة، وجمعية الاتحاد النسائي العام في أبوظبي، ومركز الحرف الإماراتية الشعبية، حيث تطل على الزائرين في هذه الأجنحة مجموعة من الحرفيات بأزيائهن الشعبية، وأدوات العمل القديمة، وهن يصنعن مشغولات يدوية، بعض موادها الأولية من النبات كسلال خوص السعف، أو الخشب كالصناديق مختلفة الأنواع والأحجام والاستعمالات، أو من الحيوانات، مثل الصوف والوبر والشعر لصناعة المنسوجات أو القِرَب الخاصة بالمياه، أو حتى المستعملة في خزن المطعومات كالتمور وغيرها.

ركن إماراتي آخر طرز جدرانه بمشغولات يدوية عدة مثل (السروج) سفرة الطعام التراثية الإماراتية، كما وضعت آلة الحياكة التراثية القديمة للسجاد، وبالقرب منها حرفية إماراتية تحيك سجادة تراثية بمهارة، وقد بينت أن الحياكة الشعبية لا تقتصر على السجاد وإنما تشمل الحقائب والسلال والقبعات وغيرها. وفي ورشة مهرة تحلق الأطفال حول المشرفين لتعلم بعض الحرف التي استهوتهم لاسيما زخارف الحناء، والحلي الشعبية، وخياطة البرقع والمخوار.

وفي جناح مملكة البحرين توجد مجموعة من المنسوجات التراثية اليدوية، وأخرى خزفية تذكارية تحمل صوراً من تراث البحرين الجميل يمكن أن تزين جدران البيوت، أو تُحمل كهدايا في المناسبات بين الأهل والأصدقاء والأرحام، حيث يمثل كل منها معلماً من معالم البحرين، أو رمزاً من رموز تراثه كالسيف والشراع والنخيل والبيت البحريني القديم.

شاركت سلطنة عمان بمجموعة من الحلي التي تصور تراث البلاد، إضافة إلى بعض الزجاجيات التي تمثل صوراً تراثية محببة ومعروفة، وهناك مجموعة من الصناديق الخشبية متعددة الاستعمالات ومشغولة بشكل يدوي دقيق، تصور أدوات الأسرة التي كانت تستعمل في الماضي، مع بعض الميداليات التذكارية اليدوية، لتكوين فكرة عما يمكن إنجازه من المشغولات اليدوية القديمة بصورة عصرية، مما ينسجم تماماً مع كونه هدايا تذكارية للسائح والزائر.

أطلت جمهورية مصر العربية على الزائرين في هذه القرية التراثية بمجموعة من العصي التراثية والجداريات المدورة ذات العبارات التي ترحب بالضيوف والمناسبات. وكذلك استعراض مجموعة من الفوانيس التي تشتهر بها مصر في أيام الموالد والمناسبات إضافة الى المشاركة بمجموعة من الحلي المحلية ونقشات الحناء المستمدة من التراث الفرعوني المصري الشهير.

وخصصت إسبانيا لجناحها المشارك مجموعة من الخامات والأقمشة التراثية التي تستعمل عادة في الأزياء والستائر، كما قدمت مجموعة من الحقائب المنسوجة ونماذج من الستائر التي تعود إلى عصورها القديمة، وفي الجناح نفسه يستعرض أحد الحرفيين المشاركين هذه الخامات مع شرح لحقبها الزمنية، وأسرارها اللونية، واستعمالاتها الشعبية، ودلالاتها على المناسبات المختلفة في الحياة الاجتماعية الإسبانية.

وأتاحت قرية الحرف التراثية للجمهور فرصة المشاركة في صنع بعض المشغولات اليدوية المفضلة بأنفسهم، وذلك بالتعرف إلى فنون إنجازها، والحصول على معلومات عن أفضل المواد المستعملة، وكيفية تطويعها من أجل إنجاز مشغولاتهم اليدوية بأنفسهم، إضافة إلى معرفة بعض عادات الحرفيين التراثيين مثل الصبر، والدقة، والمهارة والإتقان، وغيرها.

(تراث من ذهب) لستّ مصممات إماراتيات

لأنه غالٍ ومتين، وأصيل وثمين، تراثنا الإماراتي الخالد، فقد اختارت ست مصممات إماراتيات أن يروين حكاياتهن التراثية بما تستحقها من الأهمية، فاخترن لهذه الحكايات الذهب، وقصص جديدة، تحت سقف معرض (تراث من ذهب)، على أرض فعاليات أيام الشارقة التراثية.

حب التراث، وتطويع الذهب لبيان هذا الحب، هو ما جمع كلاً من حورية الشاعر، داليا نديم، شمسة الكتبي، شيخة السركال، خديجة السلامي، ريسة الحوسني، ست مصممات إماراتيات، اجتمعن ليروين حكاياتهن عن التراث المحلي، وكيف ألهمهن ذلك التراث لصياغة مجوهرات تحتفي بالتراث، وتمنح المرأة جمالاً مضاعفاً بارتداء هذه الحلي التراثية الذهبية.

استوحت حورية الشاعر تصميم الأساور من الصاروج، وهي مادة أصبحت في العرف التراثي تستعمل في أسس وأعالي البيوت والقلاع وفوق الأسطح، وتنفذ على شكل قوالب ذات قيمة فنية وجمالية منوعة، كما صممت عدداً من الحلي مستوحاة من شجر الغاف المحببة عند الإماراتيين، واستعرضت أقراطاً وقلائد جعلت من أجنحة الصقور تشكيلات متنوعة للعديد من الحلي، وأقراط استوحت تصميمها من حبوب تكثير النخيل (البروان)، وخواتم على شكل الكثبان الرملية.

صممت داليا نديم، مجموعة من الحلي بأفكار مستوحاة من صور القلاع والحصون التراثية التي جمعتها في قلادة واحدة، وتصاميم أخرى أخذت شكل اللؤلؤ كتعبير عن أهم المهن المعروفة في منتصف القرن الماضي، لتحكي بواسطتها عن صورة محلية تراثية كانت المصدر الأول للرزق عند الإنسان الإماراتي والخليجي في تلك المدة.

واستوحت ريسة الحوسني من البتيل (مقود السفينة)، وباب البيت الإماراتي القديم (الدروازة)، مجموعة من التصاميم التي راوحت بين الأقراط والقلائد والأساور، وكل ما يهم المرأة الإماراتية من أشكال الحلي المنوعة، وإضافات لها مجموعة من الحلي الذي يشكل اللؤلؤ أهم مكوناته التجارية والتراثية معاً.

روت المصممة شمسة الكتبي حكاياتها الذهبية التراثية من خلال عدد من العقود، كعقد (بو شوك)، وعقد شناف (من حلي الشعر) ويطلق عليه اسم الدينار، وحلي بيت المرتعشة، إضافة إلى توظيف حب الهيل في نماذج أخرى من الحلي بصورة مثيرة للاهتمام، دفعت زوار معرض تراث من ذهب للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بهذا النبات، وأهمية توظيفه.

ومن وجهة نظر المصممة شيخة السركال، كان هناك حضور فني باهر لحلي استوحت الدروازة والشناف والطبلة (حلية ذهبية تلبس في الرقبة)، واكتمل جمال المشهد بوجود تصميم على شكل بروش يحمل شكلاً من أشكال أدوات اللؤلؤ، كما ضم المعرض حلية حلق السروج (مائدة إماراتية مصنوعة من سعف النخيل)، وضع عليها الأكل في الزمان الماضي وصارت اليوم من تراثنا المحلي الجميل.

ويختتم معرض «تراث من ذهب» المحطة الأخيرة بالمصممة الإماراتية خديجة السلامي، التي وظفت في مصنوعاتها الذهبية كلاً من شراع السفينة، وبوشوك، والطبلة، وبوابة الشندغة، و(الديين) وهو كيس كان يستعمل في البحث عن المحار الذي يحمل اللؤلؤ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4a7yxajd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"