السعادة المتوخاة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول الشاعر التشيلي بابلو نيرودا: «السعادة لا توجد خارج ذواتنا بل هي نابعة من الداخل، هي لا ترتبط بما نملك بل بمن نكون»، أما الأديب الروسي تشيخوف فيرى أن «أسمى تعبير عن السعادة أو التعاسة هو الصمت؛ فالعشاق يفهمون بعضهم بعضاً عندما يصمتون»، وفي مكان آخر يقول تشيخوف نفسه: «الإنسان هو خالق سعادته، وبوسعكم، لو أردتم، أن تصبحوا سعداء، ولكنكم لا تريدون، أنتم تهربون من السعادة بإصرار».
إذا اتفقنا مع نيرودا أن السعادة نابعة من دواخلنا، ومع تشيخوف في أن الصمت قد يعبر بشكل أعمق عن السعادة من الصراخ والثرثرة، فهل بوسعنا أن نتفق مع الأخير في أن الناس بالفعل يهربون من السعادة مختارين، فيما بوسعهم أن يكونوا سعداء لو أرادوا؟ هل فعلاً نحن من نحدد أن نكون سعداء أو لا نكون، أم أن الظروف المحيطة بنا هي التي تحدد ذلك، فإذا ما توفرت مستلزمات العيش الكريم للإنسان شعر بالسعادة، أما إذا أحاطت به المنغصات فأنى له أن يكون سعيداً؟
الأمم المتحدة التي اختارت العشرين من مارس/ آذار من كل عام يوماً عالمياً للسعادة قدّمت تعريفاً لهذه السعادة بأنها: «مدى رضا الشخص عن حياته». ويبدو لنا أن ثمّة فرقاً بين رضا الإنسان عن نفسه، ورضاه عن حياته، فإذا كان الأول قريباً من قول نيرودا بأن السعادة نابعة من الداخل، ولا توجد خارج ذواتنا، فإن الثاني، أي الرضا عن الحياة، تحدده مجموعة من العوامل أو المعايير، أوجزتها الأمم المتحدة في التالي: نصيب الفرد من الناتج المحلي، حرية اتخاذ القرارات، جودة الخدمات الصحية والتعليمية، متوسط عمر الفرد، انتشار العدل، انعدام الفساد وعدم انتشاره.
ومنذ اعتمادها لليوم العالمي للسعادة، وضعت الأمم المتحدة 17 هدفاً للتنمية المستدامة يُراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية الكوكب من التلوث وسواه من المخاطر، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة.
خبر على صلة بموضوع السعادة يقول إن عدة مدارس ألمانية، قررت، إلى جانب القراءة والكتابة والحساب، إدراج مادة «السعادة» ضمن منهجها التعليمي، وتتضمن هذه المادة تلقين دروس حول قيمة الشعور بالسعادة وطريقة الحصول على المزيد منها. ومما تشمله المادة مواضيع مثل الامتنان، تقديم المساعدة للآخرين، العواطف، الاسترخاء، والغاية هي تربية التلاميذ على أن الأشخاص السعداء هم الأكثر إبداعاً وإنتاجية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdhrhvfw

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"