عادي

عاشق القرآن .. الصائم لأول مرة

23:56 مساء
قراءة 3 دقائق

كان هناك ولد اسمه عبد الرحمن، عمره 9 سنوات، يعشق سماع وقراءة القرآن الكريم، وبدأ في حفظه وعمره ثماني سنوات، والسبب في ذلك أمه وأبوه اللذان كانا يقرآن القرآن كل يوم أمامه بصوت جميل، فنشأ على حبه وعشق سماعه. كان والده يُعلمه القرآن ويحفِّظه له، ويشرح له تفسير الآيات، وبرغم حداثة سنه، فإنه كان يستوعب ويفهم ويحفظ ويقرأ بصوت جميل.

مع بداية رمضان، حضر عم عبد الرحمن وولداه في زيارة عائلية، ففرح بوصول ابني عمه يوسف، وأماني، وبعد الترحيب وجلوس الجميع حول المائدة لتناول الإفطار، سأله عمه: ما أخبارك يا عبد الرحمن في حفظ القرآن الكريم؟ فأجابه: الحمد الله يا عمي، فأنا أحفظ يومياً صباحاً مساءً، وأشاهد البرامج المتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام القراءة، وأشترك في كل مسابقات الحفظ التي تجرى في المسجد الذي أصلي فيه مع والدي.

ردد العم: ما شاء الله.. ما شاء الله، وقبل أن يكمل حديثه، قاطعه والد عبد الرحمن معتقداً أنه أنهى كلامه، فقال: مسابقات حفظ القرآن الكريم التي تقام في المسجد فيها نوع من التنافس، وهذا يعطي عبد الرحمن الحماس والتشجيع على حفظ القرآن ومعرفة أحكامه جيداً، لأنه اختار أن يكون الفائز دائماً وهذا يحتاج إلى عمل وجهد متواصل.

قالت أماني ابنة عمه: جيد يا عبد الرحمن. هل يمكن أن نسمع بعضاً من الآيات بصوتك، ابتسم ونظر إلى أمه وأبيه وعمه ووولديه، وبدأ في قراءة بعض الآيات بعد قوله بسم الله الرحمن الرحيم:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ». البقرة: الآيات183 و184 و185.

انبهر العم وولداه بصوت عبد الرحمن الجميل وقراءته الصحيحة وقال له يوسف: ما شاء الله يا عبد الرحمن. صوتك جميل وأنت تقرأ القرآن، ثم سأله: لماذا اخترت هذه الآيات؟ فأجاب: لأنها بمناسبة شهر رمضان المبارك، خاصة أنني سأصوم هذه السنة لأول مرة رمضان كاملاً.

سكت عمه برهة وكأنه يستدعي شيئاً من الماضي ثم قال: الذكرى الأولى لصيام رمضان يا عبد الرحمن من أعمق وأجمل الذكريات، لأنها تكون نقطة تحول في حياة كل طفل، فمنها يبدأ أولى خطواته لتعلم القيم الدينية وتعاليم العبادة، وغرس العديد من القيم الإسلامية بصورة مباشرة.

ردت أماني: أيضاً يا أبي لأن شهر رمضان نزل فيه القرآن، والصيام من أركان الإسلام الخمسة. رد عليها عمها: بارك الله فيك يا أماني، ثم قال: هل تعلمون أن الصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، إنما هو أيضاً ًعبادة وقراءة وتدبر في معاني القرآن، وكذلك العطف على الفقراء، والتقرب إلى الله من خلال أعمال الخير والبر والتقوى. وقال يوسف: ولا ننسى أيضاً يا عمي دفع زكاة الفطر، وقيام الليل، وصلاة التراويح.

ابتسمت أم عبد الرحمن وقالت: ولا تنسوا مائدة الإفطار يا أبنائي، عندما تجتمع كل أسرة عليها، نرى مظاهر التعاون بين أفردها في تجهيزها، والسحور أيضاً. ذهب عبد الرحمن إلى أمه واحتضنها قائلاً: أشكرك يا أمي على تدريبك لي منذ العام الماضي على الصيام، فاحتضنته وقالت: يا بني.. يجب التدرج في صيام الطفل وتدريبه، فكلما تدرج في عدد ساعات الصيام يوماً بعد آخر، وعاماً بعد عام، استطاع الصيام يوماً كاملاً، وذلك يكون قادراً على صيام الشهر كله وهو في حالة صحية سليمة بدون تعب أو إرهاق، وباقتناع وخشوع. ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبنائي الكثير من الأحاديث عن الصيام وفضله وثوابه، لأنه ركن من أركان الإسلام لا يمكن أن يكمل الإيمان بدونه. عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق أبواب الجحيم وتُغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم».

رفع عبد الرحمن يده مستئذناً ليقول: وأنا أعرف حديثاً: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26kfhwzu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"