عنصري يزوّر التاريخ

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

نحن أمام وزير المال الإسرائيلي بتسليئيل سموتريتش في حكومة من عتاة المتطرفين العنصريين، من بطانة زميله الآخر ايتمار بن غفير وزير الأمن، وكلاهما يعبّر عن نهج يدعو إلى إلغاء وإبادة «الآخر» الفلسطيني والعربي، كجزء من عقيدة ثابتة في الفكر الإرهابي المتطرف.

بعد ابن غفير الذي يواصل تدنيس المسجد الأقصى ويدعو إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم (وهو بالمناسبة مهاجرمستورَد من يهود العراق)، أطلّ وزير المال ليفجر حقده العنصري على الفلسطينيين، زاعماً أنه «لا وجود لشعب فلسطيني»، وأن الشعب الفلسطيني «اختراع»، بعد أن كان قد دعا إلى محو بلدة حوارة، ثم عرض خارطة لإسرائيل تضم كل فلسطين والأردن، باعتبارها تشكل الدولة اليهودية.

بالطبع، وزير المال الإسرائيلي يعرف التاريخ، لكنه يتعمد تزييفه وفقاً لمعتقداته. فإنكار وجود الشعب الفلسطيني هو افتراء على التاريخ والحقيقة، وشكل من أشكال العنصرية الكريهة التي ترفض «الآخر»، وتسعى إلى اقتلاعه من خلال اختراع روايات كاذبة تبرر التهجير والقتل. ثم إن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض التي تمتد جذوره فيها، ولا يحتاج أصلاً إلى أمثال سموتريتش لتعريفه بتاريخه الممتد منذ فجر التاريخ.

لعل هذا الوزير لا يعرف أن فلسطين سميت منذ أقدم العصور باسم أرض كنعان نسبة إلى الكنعانيين الذين استقروا فيها نحو 3000 قبل الميلاد، والكنعانيون هم شعب عربي سامٍ، هاجر من شبه الجزيرة العربية وسكن بلاد الشام. وقد أسس الفلسطينيون كما يقول التاريخ خمس ممالك ومدن على ساحل فلسطين، هي: غزة وعسقلان وأسدود وجت وعقرون، في حين لم يكن هناك وجود لليهود فيها.

يقول الكاتب اليهودي موشيه منيوحين في كتابه «انحلال اليهود في عصرنا»، إنه «منذ أكثر من 3000 سنة، كما تروي قصص التوراة، عاش الكنعانيون في فلسطين، وإن بعض عرب فلسطين الذين يعيشون الآن لاجئين في المخيمات والأكواخ خارج حدود وطنهم، هم من نسل هؤلاء الكنعانيين القدامى».

ويقول الفيلسوف البريطاني الراحل برتراند راسل: «كثيراً ما يقال لنا إنه يجب علينا التعاطف مع إسرائيل لما عاناه اليهود في أوروبا على أيدي النازيين، إلا أن ما تقوم به إسرائيل اليوم لا يمكن السكوت عليه، وإن استجلاب فظائع الماضي لتبرير فظائع الحاضر هو نفاق فادح».

إذن ما يدّعيه سموتريتش وابن غفير، هو هراء وتدليس على الحقيقة والتاريخ، وهو مجرد تعبير عن روح عنصرية تثير الحقد والعنف وتقطع الطريق على أي جهد محتمل لإقامة سلام عادل، و«تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية»، كما أكد ذلك بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات، داعية إلى أهمية «مواجهة خطاب الكراهية والعنف». ونوّهت بأهمية «تعزيز التسامح والتعايش الإنساني ضمن الجهود المبذولة للحد من التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة».

من حق الدول العربية والعالم القلق إزاء مثل هذه المواقف «العدائية والخطرة»، كما قالت واشنطن، والتصريحات «المخزية وغير المسؤولة»، كما قالت فرنسا؛ لأنها تصب في مجرى عنصري كريه يرفضه العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/53bhr8kk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"