نحو ترشيد الإنتاج الفني

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف تراك تستقبل الشهر الفضيل هذا العام؟ ماذا لديك من جديد في التهنئة برؤية الهلال؟ القلم اختار: «بورك الشهر لكم، وبورك بكم». بكُم، لأن الشهر ظرف زمان والأعمال الصالحات والطاعات الصادقات إنما هي خيرات الخلائق في ظل بركات الخالق الخلّاق.
يجب اغتنام المناسبة الطيّبة للمناجاة بخالص الدعوات لشركات الإنتاج الفنّي، عسى أن تهتدي إلى أن تمسي مسلسلاتها هي الأخرى أعمالاً صالحة لأن تُعدّ إبداعاً متألقاً، فإن لم تكن فأعمالاً لا تخلو تماماً من الفائدة، فإن لم تكن فحلقات موجزة لا يحسبها المشاهد لفرط الملل دهراً، فينطبق قول ابن الرومي: «يطول يومي إذا قُرنتُ بهِ.. كأنني صائمٌ ولم أصُمِ»، فإن لم تكن فأشياء لا تُحِلُّ سفك دم الفضائل في الشهر الحرام، فإن لم تكن فأضعف الإيمان أن تَعفَّ الفضائيات عن بثّ الابتذال المنافي للقيم الروحية الرمضانية.
لا شك في أن الأعمال المتميز إبداعها قليلة، لكن، ما يدعو إلى العجب هو ما يدور في أذهان عدد من المنتجين الذين ينطلقون في إنتاجهم من حسابات لا علاقة لها بالظرف الرمضاني، فهم ينظرون إلى القصة والسيناريو والتمثيل والإخراج من منظار خارج منظومة القيم: كيف يمكن جلب الأنظار في مهرجان سباق للمسلسلات التي تسلسل المشاهدين؟ المهم هو تحقيق الهدف. هذه مكيافيلية فاضحة واضحة، على طريقة المثل اللاتيني «بالطيّب أو بالخبيث» (بِرْ فاس أو نِفاس)، أو على هوى أبي الطيب: «ولستُ أبالي عند إدراكيَ العلا.. أكان تراثاً ما تناولتُ أم كسبا».
للأسف، ثمّة فراغات ثقافية هي ثغرات هاويات كأن المثقفين لا يعنيهم أمرها، فمراكز البحوث والدراسات في علمي النفس والاجتماع لا تولي الإنتاج الفني بشتى أنواعه، مثقال ذرّة من الاهتمام، فلا يتساءلون: ما هي مدلولات الهبوط الفني ودوافعه وآثاره؟ ما هي انعكاسات الانهيارات الثقافية؟ ماذا يعني تواري روّاد الثقافة في الآداب والفنون؟ الأوساط الثقافية العربية تلوح وكأنها لا يقلقها أن العالم العربي ليس له أمن ثقافي. ثقافته ليس لها أسوار ولا قلاع ولا حصون. ساحات مستباحة. لكن ببساطة، يستطيع المثقف العربي أن يقول: منطقك هزيل، تتحدث عن الابتذال الذي يستبيح المسلسلات، ولا ترى الأوطان المستباحة: العراق سوريا ليبيا..؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الأعجبيّة: بالدرجة الأولى، ليست شركات الإنتاج هي التي يجب ترشيدها، فالفضائيات أولى بالترشيد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8j3ep9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"