عادي
بيئة مثالية للإنتاج الزراعي والحيواني

«الفحلين».. واحة الأسماك

00:26 صباحا
قراءة 4 دقائق
الهاجري يُتابع العمل في المزرعة
عبيد الهاجري في مزرعة الأسماك
يحمل إحدى الأسماك

رأس الخيمة: حصة سيف

نجح رجل الأعمال الإماراتي عبد الله محمد الملا، في أن يجعل مزرعة «الفحلين» للزراعة والأحياء المائية، والتي يمتلكها في رأس الخيمة، أكبر مزرعة للإنتاج السمكي في الإمارة، كونها تجمع بين الإنتاج الزراعي والحيواني بأنواعه، وعلى رأسه تربية الأسماك. وتقع المزرعة في منطقة حصوية زراعية، هي أقرب إلى الجبال من البحر، لكن أهم ما يميزها هو أن القائمين عليها هيأوا بيئة مثالية، تتناسب مع أنواع الأسماك المُتنوعة، التي منها ما يعيش في المياه الحلوة، فيما بعضها الآخر يعيش في المياه المالحة.

بنظام ودقة يتم توزيع أحواض المزرعة على أنواع الأسماك؛ حيث تضم أحواضاً واسعة تعمل بحركة مائية دينامكية مستمرة، منها أحواض مُخصصة لأسماك البلطي والسيباس العربي والكارب «المسكوف» وأسماك الزينة المختلفة، ومنها ما خُصص للروبيان وهما حوضان واسعان، تعمل فيهما «التروبينات» بالطاقة الشمسية، لتحريك المياه والمُحافظة على حركتها المستمرة، وخصصت أحواض أخرى للحضانات، من غير الأحواض المغلقة والمكيفة.

البداية والتطوّر

الشاب المواطن عبيد عبد الله الهاجري، المشرف العام على المشروع، يؤكد أن الفكرة خرجت إلى النور بتوجيهات خاله عبد الله محمد الملا، لتبدأ الأسرة بالعمل على تنفيذ المشروع قبل عامين تقريباً، ترجمةً لرؤية القيادة الرشيدة، وتوجه الدولة في حقلي الاستدامة والاكتفاء الذاتي من الأغذية، وتجسّدت الفكرة بإنشاء مزرعة الأسماك بداية بنوعين من الأسماك، البلطي النيلي والكارب «المسكوف».

وأضاف: «تطورت الفكرة وأحضرنا الأسماك، التي تعيش في المياه المالحة، مثل الهامور والسبيطي وشعم والقابط، ونجحنا في تربيتها، ولدينا نظام تدوير للمياه من مكائن التحلية إلى أحواض الأسماك، ومن ثم يتم توزيعه على المزرعة لري أشجار ونباتات المزرعة بجميع أنواعها، لما تحتويه من أملاح ومعادن مفيدة للزراعة، وهو ما يحفظ أيضاً المياه من الهدر».

ولفت إلى وجود أنواع من «الفلاتر» المختلفة، لتنقية وإعادة تدوير المياه، لافتاً إلى أنه يتم العمل بالمزرعة بالنظام المستدام لإعادة تدوير المياه، والذي يسمى «RAS»، ومع الوقت تم إحضار أسماك أخرى، مثل السيباس الآسيوي والسيبريم وأسماك الزينة، مثل كوي كارب، والجولد فيش، والأنجل فيش، والزيبرا.

بيئات مُتنوعة

يقول الهاجري: «لدينا أحواض بعدة أشكال، وحضانات متعددة لأنواع الأسماك، ونحاول قدر الإمكان تهيئة البيئة المناسبة لكل نوع من الأسماك؛ بحيث تستطيع أن تعيش فيها بكل أريحية، لأننا نبعد عن البحر، خاصة للأسماك، التي تعيش في المياه المالحة». وأوضح: «بعض الأنواع تتحمل درجات الحرارة، وبعضها الآخر لا يتحمل، ويعمل الفريق المشرف على الأسماك ضمن فترتين، صباحية ومسائية، للتأكد من المحافظة على درجة الأوكسجين والتغذية وقياس الملوحة ونقاوة الماء ودرجة حرارته، لا سيما أن الأسماك تتفاوت درجات الحرارة، التي تتحملها، فالبعض يستطيع العيش في ظل 30 درجة مئوية، وبعضها الآخر من الصعب أن يتحمل، وله أحواض خاصة مكيفة».

يُضيف: «هناك أسماك تحتاج إلى أماكن مظلمة؛ لذلك نضعها في الحضانات الداخلية المغلقة، ومؤخراً أضفنا أحواض الروبيان، بعد أن عملنا دراسة جدوى للتأكد من حاجة السوق إلى هذا النوع من الأحياء البحرية».

التحديات

يتحدث الهاجري عن أبرز التحديات التي تواجههم في العمل، والمتمثلة في الظروف المناخية، لأنه لا بد من تهيئة الجو والبيئة والتغذية المناسبة للأسماك، وفي فصل الصيف يواجهون ارتفاع درجات الحرارة، لأن بعض الأسماك حساسة؛ لذا أوضح أنه يتم اللجوء إلى تبريد المياه في بعض الأحواض، ولفت إلى أنه من التحديات الكبرى أيضاً المنافسة في السوق المفتوح من الأسماك المستوردة، وغلاء الكُلفة التشغيلية للمشروع، لكن يتم العمل بشكل مستمر على التغلب على تلك الصعاب والتحديات.

الحافز والتشجيع

يقول الهاجري: «أكثر ما يشجعنا على الاستمرار في المشروع هم الزبائن، الذين يبحثون عن جودة الأسماك، ولدينا دراسة بيئية ميدانية كاملة للمشروع، ونحرص على إحضار أجود أنواع الغذاء للأسماك، كما أن المياه تتجدد بشكل مستمر، ولدينا تحدٍ آخر، هو ارتفاع تكاليف التيار الكهربائي، لكننا نعمل على إيجاد فرص تحسينية، كاستخدام الطاقة الشمسية والوسائل الأخرى، التي تخفض استهلاك الكهرباء، ونرجو أن يكون هناك دعم حكومي للمشاريع الحيوية، إذا ما أردنا استدامة المشاريع، لتشجيع الشباب على خوض مثل هذه التجارب.

الطاقة الشمسية

يشير الهاجري إلى أن شغفه وطموحه باستمرار المشروع والمحافظة على إنتاجه في السوق، يشجعه على استخدام البدائل الأخرى للطاقة الكهربائية، المرتفعة أسعارها؛ لذا ندرس حالياً التوجه نحو تحويل المشروع إلى الطاقة الشمسية، وبدأنا فعلاً بتشغيلها في جزء من المزرعة. وحفاظاً على سلامة الأسماك، لدينا مولد كهربائي احتياطي في حالة انقطاع الكهرباء، لتفادي أي مشاكل قد تحدث بسبب نقص الأكسجين.

الهاجري يلفت إلى أن المشروع يتعاون مع تجار الجملة ومحال أسماك الزينة، ولديه تواصل مع كبرى المنافذ التجارية في الدولة، بغرض ترويج وبيع الإنتاج، وتأتي إلى المزرعة وفود خارجية، للاطلاع على تجربتها.

شغف وتطوير

يُؤكد الهاجري أن وزارة التغير المناخي والبيئة، ممثلة بالدكتور إبراهيم الجمالي، مدير مركز أبحاث البيئة البحرية في الوزارة، قدمت لهم الدعم بالتوجيه الأمثل لبداية المشروع بشكل صحيح، وزيارته للمزرعة للوقوف على تجربتها، وهو أكبر دليل على حرصه على متابعة المشروع ونجاحه.

ويواصل: أن المشروع حظي بترحيب الأهالي ومحبي الأسماك، وحالياً نسعى بالتعاون مع الوزارة والمختصين لعمل الخطط المستقبلية، التي تركز على خفض التكاليف وزيادة الإنتاج والتركيز على التسويق والدعاية، فإن شغفي بتربية الأسماك يدفعني إلى الاستمرار في المشروع والنهوض به إلى أعلى المستويات.

ويرى الهاجري أن نجاح المشروع يعتمد على وجود الموظفين الأكفاء في الزراعة السمكية، والذين تم اختيارهم بعناية شديدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycknwufh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"