عادي

المعلمة إيمان.. ورحلة الإسراء والمعراج

23:17 مساء
قراءة 4 دقائق

دخلت المعلمة إيمان، مدرسة اللغة العربية والدين، أحد الفصول، بدلاً من زميلتها التي ذهبت بإجازة مفاجئة، وإذا بجميع الطلبة والطالبات في الفصل يضحكون، فأصابت المعلمة الدهشة، خاصة أن الضحك كان بدون سبب واضح، فسألتهم مستغربة: ضحك بلا سبب، لماذا تضحكون إذن؟

قامت إحدى الطالبات وردت قائلة: نحن فقط سعداء أننا اليوم لن ندرس شيئاً لغياب معلمتنا، فقالت المعلمة: ومن قال لكم إنكم لن تدرسوا شيئاً اليوم؟ ولماذا إذن أنا هنا بينكم؟ وحتى إن لم تدرسوا شيئاً، فلا يجوز لكم الضحك لهذا السبب، أو تبادل نظرات اللامبالاة بينكم. أحبائي.. العلاقة بين المعلم وتلاميذه يجب أن تقوم على أسس سليمة وواضحة، مقامها الاحترام المتبادل فيما بينهما، وحفظ المكانة العظيمة للمعلم، لأن له مكانة الأب أو الأم بالنسبة لكم. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} سورة المجادلة: الآية 11. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع حتى يرجع».

خجل جميع طلاب الفصل من أنفسهم واعتذروا للمعلمة قائلين لها: نرجو أن تسامحينا يا معلمتنا الجميلة. وماذا سندرس اليوم؟ قالت: قبلت اعتذاركم، أما اليوم فنتكلم عن عظمة «ليلة الإسراء والمعراج».

أنصت الجميع للمعلمة، وبدأت تشرح: تعتبر ليلة الإسراء والمعراج من أجمل المناسبات الإسلامية، التي نحتفل بها كل عام، وتأتى يوم 27 من شهر رجب من كل عام هجري، ومن أكبر المعجزات التي حدثت في عصر النبي، صلى الله عليه وسلم، والإسراء، الذهاب من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة واحدة، في معجزة إلهية عظيمة، لما ورد في قوله تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» سورة الإسراء: الآية 1. في ليلة من ليالي الدعوة النبوية، نزل أمين الوحي جبريل، عليه السلام، على رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، على دابة اسمها البراق، والبراق هو حيوان حجمه أصغر من حجم الفرس، فركب صلَّى الله عليه وسلَّم على ظهر البراق، وسرى به من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في فلسطين في وقت قصير من تلك الليلة، ثم عرج جبريل، عليه السلام، بالرسول، صلّى الله عليه وسلَّم، إلى السماء فصعد للسموات السبع، وفى كل سماء يطلب جبريل الإذن بالدخول، فيسمح له، مع ترحيب شديد من الملائكة بالنبي، عليه الصلاة والسلام، ففي السماء الأولى قابل أبا البشر سيدنا آدم عليه السلام، فلما سلم عليه، قال نبي الله آدم: مرحباً بك من ابن ونبيّ، ثم رأى في السماء الثانية نبيّ الله يحيى ونبي الله عيسى عليهما السلام، فسلّم عليهما، فقالا له: مرحباً بك من أخ ونبيّ، ثم رأى في السماء الثالثة نبيّ الله يوسف بن يعقوب عليه السلام، فسلّم عليه، فقال له: مرحباً بك من أخ ونبيّ، ثم رأى في السماء الرابعة نبيّ الله إدريس عليه السلام، فسلّم عليه، فقال له: مرحباً بك من أخ ونبيّ، ثم رأى في السماء الخامسة نبي الله هارون عليه السلام، فسلّم عليه، فرد عليه: مرحبا بك من أخ ونبيّ ثم رأى في السماء السادسة نبي الله موسى عليه السلام، فلما سلّم عليه، فقال له نبيّ الله موسى: مرحباً بك من أخ ونبيّ، ثم رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم في السماء السابعة نبي الله إبراهيم،عليه السلام، فسلّم عليه فقال: مرحباً بك من ابن ونبيّ. ثم صعد جبريل عليه السلام بالنبي، صلَّى الله عليه وسلم، إلى سدرة المنتهى، وهى شجرة عظيمة الحجم والقدر. ومن تحتها الأنهار. توقف جبريل، وتقدم النبي، صلى الله عليه وسلم، هنا تشرف النبي بلقاء الله والوقوف بين يديه ومناجاته، لينسى كل ما مر به من مصاعب وأحزان. وهناك فرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم خففت للصلوات الخمس بأجر خمسين صلاة، ثم إلى البيت المعمور، ورأى وهو في السماء الجنة وأنهارها وبساتينها وجمالها، ورأى النيران وعذابها.

وعاد النبي، صلى الله عليه وسلم، في الليلة نفسها، وفى الصباح أخبر قومه بما حدث فلم يصدقوه، ووقفوا ما بين مكذب ومشكّك، وجاءه أفراد من أهل مكة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فوصفه بدقة بالغة، حتى تعجب الناس. ثم قدّم الرسول صلى الله عليه وسلم دليلاً آخر على صدقه، وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته، ووقت عودتها، فحدث مثل ما أخبرهم، فزادهم الأمر عجباً وحيرة.

جاءت مناسبة الإسراء والمعراج كرحلة ومكافأة للنبي لتهوِّن عليه عام الحزن، وهو العام الذي تُوفيت فيه زوجته السيدة خديجة وعمه أبو طالب، الذي كان يدافع عنه، وبعد هجرة الطائف التي لقي فيها ما لقي من الأذى، جاءت هذه الرحلة المباركة تعويضاً له وجبراً لخاطره..

انتهت المعلمة إيمان من سرد هذه القصة العظيمة.. وابتسم الطلاب، ولكن هذه المرة لأنهم استمتعوا واستفادوا بالقصة الكريمة، والرحلة المعجزة، رحلة الإسراء والمعراج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9ajv9e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"