عادي
«فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ»

سِيَر الأنبياء.. منهج حياة

00:21 صباحا
قراءة 3 دقائق
3

د. سالم الشويهي*

يشترك الأنبياء جميعاً، عليهم الصلاة والسلام، في العصمة من رب العزة والعبادة الخالصة والدعوة الصادقة وربما تميز بعضهم بخصيصة وعلامة فارقة يعرف ويشتهر بها فآدم عليه السلام أبو البشر ونوح أول الرسل، وإبراهيم خليل الرحمن، وموسى كليم الله، وعيسى المسيح ابن مريم، ومحمد، صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين. وكان لكل واحد منهم بصمة جلية في مسيرة البشرية يعرف بها وصار مضرب المثل فيها، فيوسف مضرب المثل في العفة، وأيوب في الصبر، وهكذا بقية الأنبياء، ونحن هنا نتلمس بعض جوانب الاقتداء من سير الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، فنقتبس من سيرتهم النور ونستلهم من حياتهم الحكمة ونتعلم منهم الدرس ونكتسب الخبرة لتكون لنا نبراساً ومنهج حياة، فنحقق بذلك مراد الله من ذكر قصصهم في كتابه كما قال تعالى: «أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده». وقوله جل وعلا «أولئك» إشارة إلى الأنبياء والرسل، عليهم الصلاة والسلام فهم الذين هداهم الله تعالى الهداية الكاملة، «فبهداهم» أي بطريقتهم وسيرتهم، اقتده بهم في الأخلاق الحميدة والصفات الرفيعة الكاملة.

وقد امتثل، صلى الله عليه وسلم، فاهتدى بهدي الرسل قبله فجمع الله له كل كمال فيهم

محاسن أخلاق النبيين جمة وما قصبات السبق إلا لأحمد

فاجتمعت لديه فضائل وخصائص فاق بها جميع النبيين، فكان سيد المرسلين وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

والله ما خلق الإله ولا برى بشرا يرى كمحمد بين الورى

ولذلك شهد الله تعالى له بما لم يشهد به لأحد من العالمين فقال جل جلاله: «وإنك لعلى خلق عظيم»، فهو كما قالت أمنا عائشة، رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن». أي تمثل القرآن سلوكاً عملياً بما فيه من قصص الأنبياء والتوجيه الرباني فحاز الكمال البشري وكان قدوة الأنام على مر العصور والأزمان عليه الصلاة والسلام.

قال الإمام سفيان ابن عيينه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر وعليه تعرض الأشياء على خلقه وسيرته وهديه فما وافقها فهو الحق وما خالفها فهو الباطل».

المصلحون أصابع جمعت يدا هي أنت بل أنت اليد البيضاء

وكذلك أمته إن اقتدت به وبالأنبياء قبله كملت فكانت كما أرادها الله تعالى خير أمة أخرجت للناس فلابد لنا أن نتخلق بأخلاق الأنبياء ونهتدي بهداهم لنكمل ونكون قدوة يقتدى بنا في الخير قال الحسن البصري: «من استطاع منكم أن يكون إماماً لأهله إماماً لحيه إماماً لمن وراء ذلك فليفعل فإنه ليس شيء يؤخذ عنك إلا كان لك فيه نصيب»، أي من الأجر والثواب ومن دعاء الصالحين: «واجعلنا للمتقين إماماً».

قال الإمام البخاري: «أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا»، ومن نظر في سيرهم عرف مدى تقصيره في جنب ربه ويكاد أن يقول ما قاله الشاعر:

لا تعرضن بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله متى الساعة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «وماذا أعددت لها؟». قال: ما أعددت لها كثير عمل إلا أني أحب الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: «فإنك مع من أحببت».

قال أنس، رضي الله عنه: فما فرحنا بشيء بعد الإسلام فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك مع من أحببت»، فأنا أحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم ونحن نحب ونؤمن بجميع الرسل والأنبياء والصحابة الأصفياء «والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون».

نسأل الله تعالى أن يحشرنا «مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr43cwnt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"