عادي
كشاكيل ملونة

كتاب «تطور التعليم في الإمارات العربية المتحدة 1904 1971 م» لمحمد حسن الحربي (2-4)

23:36 مساء
قراءة دقيقتين
1

بقلم: عبدالغفار حسين

بدأ التعليم في الإمارات، كما يسجله لنا كتاب «تطور التعليم»، بسيطاً على يد المطاوعة الذين كانوا ينشئون الكتاتيب في زوايا من بيوتهم السكنية ضمن التجمعات المستقرة غير المتنقلة كالبدو. وكان التعليم لا يتعدى في أحوالٍ كثيرة قراءةَ القرآن وتحفيظ التلاميذ له، ونادراً ما كان التلميذ يصل إلى ما بعد ختْم القرآن ويتلقى شيئاً من العلوم الأخرى، كمبادئ الكتابة ومتابعة النصوص الفقهية والحساب؛ إذ إن المطوَّع («المدرس») نفسه كان في غالب الأحيان شبه أميّ! وتسمية المطوَّع نفسها كانت ترمز إلى مَن دون شيخ العلم منزلةً ومعرفة، ومعلوماته لم تكن تزيد إلا نادراً عن تعليم قراءة القرآن والأذان، وإمامة الناس في الصلاة عدا صلاة الجمعة التي تحتاج إلى معرفةٍ أوسع؛ كإعداد الخُطَب وإلقائها، وأما إذا تعدَّت معارفُ المطوع قراءةَ القرآن إلى المسائل الفقهية ومعرفة الكتابة والحساب والأحاديث النبوية، وعقد العقود الشرعية من معاملات وزواج وإمامة الجماعة، فعندئذٍ يكون شيخَ علم، ويُدعَى من الجميع بالشيخ، ويصبح هذا اللقب مرادفاً لاسمه بين الناس، ولا يقبل أن يُدعى إلا به، ويرفض مناداته بالمطوع، وربما يثور ويغضب! ونادراً ما كان المطوع الذي أصبح شيخاً من شيوخ العلم، يقبل أن يكون معلماً أو مدرّساً للصبيان الصغار في الكتاتيب، وتلاميذ مثل هذا الشيخ عادةً من الكبار الذين يرغبون في مواصلة الدراسة التي كانت تقتصر على الفقه واللغة العربية والعلوم الدينية، وكان هؤلاء التلاميذ يلازمون الشيخ وقد ينتقلون معه من مكانٍ إلى مكان، ويأتون إلى منزله في أوقاتٍ مختلفة ليجلسَ ويلقي عليهم الدروس، وكان بعض هؤلاء الشيوخ ينفقون على الطلبة نفقات مالية، على حسب استطاعتهم والإعانات التي يتلقونها من المحسنين أو الذين يدفعون الزكاة، وقد عاصرتُ ورأيتُ بعضَ كبار شيوخ العلم في الإمارات يستضيفون الطلبة وينفقون عليهم، ومِن هؤلاء الشيخ محمد نور بن سيف، والشيخ عبد الرحمن بن حافظ، من أهالي دبي، والشيخ عبدالله المحمود، من الشارقة، والشيخ عبد الرحمن الكمالي الجسمي، من أهل خصب وجسم. وكان بعضهم، إضافةً إلى نشاطهم العلمي الخاص، يتولون القضاء ويستفتيهم أولو الأمر من الحكام ومن الناس أيضاً، وكان منهم مَن يصبح معلماً ومدرّساً في مدارس يتعلم فيها الكبار، ونتيجةً لوجود هؤلاء الشيوخ؛ نشأتْ بعض المدارس التي اختلفت عن كتاتيب المطاوعة، كتلك المدارس التي ذكرها المؤلف، كالمدرسة التيمية في الشارقة والأحمدية والفلاح في دبي، على يد المحسنين وبعض التجار كالشيخ علي المحمود والشيخ أحمد بن دلموك والشيخ محمد علي زينل وغيرهم.

أختلف مع بعض الروايات التي وردت في الكتاب حول بدء التعليم على يد المطاوعة وتحديد الفترة الزمنية المحددة بعام 1900، وأعتقد أنه من الصعب جداً أن يؤرخ أحدنا زمناً محدداً لنشأة الكتاتيب على يد المطاوعة في ساحل عُمان أو دولة الإمارات، فمن المعروف أن الكتاتيبَ قديمة في المجتمعات وفي القرى والريف، وما زالت كذلك في كثيرٍ من المناطق النائية الصغيرة في البلاد الإسلامية، وخاصةً الفقيرة والمتخلفة.

[email protected]

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fmwusrum

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"