عادي
مجلس «الخليج» الرمضاني في ضيافة د. يوسف الشريف:

مواقع التواصل الاجتماعي ترفع نسب الجريمة الإلكترونية

00:36 صباحا
قراءة 6 دقائق

متابعة: جيهان شعيب
دور مواقع التواصل، في ارتفاع معدّلات ارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتأثيراتها السلبية والإيجابية في أفراد الأسر، لاسيما النشء، وكيفية تقنين استخدامها، ومحاور عدة أخرى، كانت محور نقاشات ثرية في مجلس «الخليج» الرمضاني الذي استضافه المستشار القانوني والإعلامي الدكتور يوسف الشريف، في دبي، وحضره كوكبة من المتخصّصين، والمهتمين.

1
15

أدار الجلسة المحامي علي مصبّح، مؤكداً أن التطور التكنولوجي في تقنية المعلومات، جذب الكثير إلى التوغّل في استخدام مواقع التواصل، لأغراض متعددة، منها التسلية، أو توصيل علم ومعرفة، أو بثّ رسائل مسمومة، لارتكاب جرائم، وتنفيذ خطط. فيما تتصدى السلطات الأمنية بذكاء وحنكة لهؤلاء.

واستهل النقاشات د. يوسف الشريف قائلاً: هناك معاناة كبيرة اليوم، بين الإعلام التقليدي الحكومي، والجديد «البيتي» الذي يدار من البيت، حيث أصبح بإمكان أي فرد عمل منصة، وجمع متابعين، بما استوجب الوقوف على تأثير ذلك في المجتمع، والأبناء، فيما لانزال نؤمن بالإعلام التقليدي، رغم عدم ميل الجيل الجديد له.

بيئة خصبة

ومما لا شك فيه أن استخدام مواقع التواصل، على اختلافها وتنوعها (إنستغرام – تويتر – يوتيوب - فيسبوك – ماسنجر - تيك توك – واتساب -....)، بات أمراً حتمياً على المستويات كافة، ولدى جميع الطبقات والفئات، على اختلاف ثقافاتها وتوجهاتها، ولذلك فإن انتشار هذه المواقع جعلها بيئة خصبة، ومجالاً سهلاً للشهرة، ونشر الأفكار أياً يكن نوعها وأهدافها، ومن هذا المنطلق كان لهذه المواقع إيجابيات، وسلبيات كل بحسب طبيعة المادة التي تبثّ عبرها، ولذلك تأثير كبير في القيم الدينية، والاجتماعية، والسلوكية، وثقافة الاستهلاك، وفن الدعاية.

والحقيقة التي لا مفرّ منها، هي تأثير استخدام تلك المواقع في نسبة الجريمة الإلكترونية، لأنها تتيح للمستخدم فتح مجالات للتواصل، والتفاعل، مع توفير حرية بلا حدود في التعارف بين مختلف الجنسيات، مع اختلاف المواقع، والبعد الجغرافي، وعدم الشعور بالوقت أيضاً، والوصول إلى درجة الاستغناء بهذا العالم الرقمي، والانخراط فيه بمعزل عن العالم الحقيقي، وهذا يكون مبعث الفكر في الدخول إلى عالم الجريمة، أو الاستدراج لها.

إيجابيات وسلبيات

المهندس أحمد الزرعوني قال: من لا يعرف المجال التقني اليوم فكأنه يجهل القراءة والكتابة، حيث التقنية دخلت جميع جوانب الحياة، ولها سلبيات، وفوائد كثيرة أيضاً، تضيف للجميع أفراداً ومؤسسات حكومية وخاصة، رغم أن بعضها غائب عن كيفية استخدام تلك المواقع في إدارة جوانب عمله، عدا ذلك فإنستغرام هو التطبيق الأكثر انتشاراً، والمنصة الأفضل، فضلاً عن كونه الأعلى مردوداً، مع توافر إمكانات عدة فيه، وكذلك لجوء شركات كثيرة للإعلان عبره، ومن ثم يأتي «تويتر» بما يتضمنه من جانب سلبي وآخر إيجابي، وبعض الشباب منغمسون في الجانب الأسود منه.

الرقمي والتقليدي

وهنا قال المحامي علي مصبّح إن القوى الناعمة اعتمدت على إنستغرام في جانب الدعايات، فعلق عدنان حمد، عضو المجلس الوطني الاتحادي قائلا: الدولة متطورة بشكل كبير بوجود عدد من التطبيقات والأجهزة الحديثة، فيما 97% من التعداد العام في الإمارات لديهم هواتف متحركة، حيث أصبح الهاتف محطة تليفزيونية، فيما 95% يستخدمون «تويتر». كما وثقت دراسة حديثة بأن نحو 19 مليون حساب نشر على مختلف التطبيقات في مواقع التواصل، والناشطون في الدولة نجحوا في إرسال رسائلهم للمتلقين في حدودها.

والإعلام التقليدي يمثله الأكاديمي، والخبير المتمرس، وأصحاب الفكر، وهو إعلام مقيّد وملتزم، ويحكمه توجّه، ونظام دولة، ولا يمتلك المساحة الواسعة، ولا الحرية الكاملة للتعبير، وهذا وضع صحي، في ضبط الأمر، أما الإعلام الرقمي فمفتوح، حيث كل من يملك جهازاً قادر على التفاعل والانتشار، إلا أن صدقيته يداخلها الشك.

ضوابط واشتراطات

وفي رده على تساؤل طرحه علي مصبّح، عن المشكلات التي قد تحدث بين الأسر بفعل مواقع التواصل، قال العميد إبراهيم العاجل، من شرطة الشارقة: لدينا في المجتمع نحو مئتي جنسية، ومن ثمّ ثقافات مختلفة، وأفراد الأسر على تنوّعها أصبح لكل منها عالمه الخاص، وبعضهم أضحوا يوثقون الأمور الخاصة بها، وإن كانت هناك خلافات بفعل تلك المواقع، لكنها ليست بالعدد الذي يمثل ظاهرة. فيما نتمنّى التوصية بوضع ضوابط واشتراطات للتدخل في شأن «التيك توك» لتأثيره الكبير في التخريب بين الأسر، وهدم البيوت.

وهنا قال المحامي والمستشار القانوني حمد القواضي: لو فتحنا الباب لكل من هبّ ودبّ للشكوى في المواقع، فمن الممكن أن يهاجم الحكومة، أو المؤسسات، لأن الاعلام الرقمي في الدولة لم يقم بواجب استنكار الجريمة، والأفعال المخالفة، لتأكيد القيم، والتركيز عليها، ومن ثمّ تقليص الجرائم، لاسيما أن العوامل المحيطة بالفرد لا نستطيع تحديدها، والتقليد بشكل عام أصبح عادة بلا فكر.

كارثة قيمية

وعن تأثير المواقع في الأطفال والمراهقين، قال العقيد سعيد الهاجري: الحفاظ على النفس، والعقل من المقاصد الشرعية المبنية عليها قيمنا، ومن ثم لا بدّ من تأهيل الأبوين على كيفية التعامل مع الأطفال باستخدامهم للأجهزة الإلكترونية، حيث إعطاء الجهاز لطفل لم يصل إلى الثلاث سنوات، يعدّ كارثة قيمية وأخلاقية، حيث من الواجب في ذلك العمر إكسابه الملكات اللغوية. وهناك فراغ تربوي عند عدد من الآباء والأمهات، وضياع للهوية، والثوابت التراثية في عادتنا، وتقاليدنا.

وأضاف د. يوسف الشريف: الجريمة عبر المواقع سهل ارتكابها، خاصة التي يكون ضحيتها أطفال، وفتيات لسهولة استدراجهم، استغلالاً لعامل السن، وضعف الخبرة، والتطلعات نحو إشباع رغبات مادية، أو جنسية، أو فكرية، أو غيرها، بعيداً من الواقع المحكوم بالرقابة الصارمة، لذلك لا مناص من تحمّل الأسرة لدورها، وبثّ الوازع الديني والأخلاقي، وعودة القدوة في البيت وفي المدارس والجامعات، وجميع دور العبادة، ولا ننسى دور دولتنا الرشيدة، وقيادتها الحكيمة، والجهود الأمنية في توظيف جميع الإمكانيات للحدّ من هذه الجرائم، وسرعة ضبطها.

الجرائم الإلكترونية

وانتقل الحضور إلى التشريعات التي تحكم الجرائم الإلكترونية، وقال المقدم يوسف اللوغاني: تشريعات الجرائم الإلكترونية تأخذ اتجاهين، وهي وضع المصطلحات القانونية ضمن مقدمة القانون، واتجاه آخر يتركها لجانب الفكر، فيما جاء أحد أحكام المحكمة الاتحادية العليا على واقعة سبّ إلكتروني عن طريق «واتس أب» وصدر فيها حكم بالمؤبد، لأنها تقع ضمن جرائم تقنية المعلومات، ومن ثم جرى تعديل الحكم، وإعادة تكييف الواقعة.

وهنا قال د. الشريف: مع تطور الجريمة تتطور أدوات الرقابة والحدّ منها، لكن في النهاية أصبحت تلك المواقع، بيئة للجريمة الإلكترونية التي لا تتطلب لقيامها قانوناً بالأركان ذاتها، التي تتطلبها الجريمة التقليدية، فمثلاً السبّ عبر تلك المواقع جريمة، سواء توافرت العلانية فيه أم لا، لأن هذا العالم غير محصور في عدد محدود من الناس، بل يمكن اختراق الحوارات حتى الخاصة بين أشخاص بعينهم، لذا لم تكن العلانية متطلبة في هذا الجرائم.

عبء الإثبات

وقال المحامي د. عبد الله آل ناصر: ركن العلانية ليس له دخل في التجريم، لأنها عنصر مكمل للجريمة، بينما العقوبات قاسية جداً في قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، والغرامات لا تقارن بالعادية، والإجراءات المتّبعة فريدة، ودور المحامين ليس تربحياً، وإنما يعملون على إنفاذ القانون، فيما يبقى عبء الإثبات، لكن هناك سؤال وهو: حينما أتقدم للجهة الشرطية وأقدم بلاغاً، هل من سبيل للوصول الى منصة التواصل، وحذف المادة المسيئة؟ وهل يمكن تتبعها؟

أجاب المهندس التقني سعود بن أحمد قائلاً: اليوم مواقع التواصل توظف الذكاء الاصطناعي، الذي لا بدّ أن نعرف كيف نتعامل معه، فيما تستطيع الجهات الأمنية، والخبراء التقنيون مواجهة هذه الوقائع، وبشكل عام فللمواقع سياسة وخصوصية، والخبراء التقنيون في أمن المعلومات لا بدّ أن يطلعوا عليها، وان كانت المواقع خارج الدولة، عدا ذلك فتقنية المعلومات لها جانب إيجابي، وآخر سلبي.

واسترسل موضحاً: كثير من مستخدمي المواقع يجهلون حماية حساباتهم الإلكترونية بالطريقة الصحيحة، حيث يقومون بذلك عن طريق ميزة التحقق بخطوتين، في كل تطبيق لكنهم يجهلون أمراً مهماً جداً، وخصوصاً الذين يمتلكون أكثر من حساب في التطبيق، حيث يلجأون لوضع البريد الإلكتروني، ورقم الهاتف نفسه، على أكثر من حساب في المنصة الواحدة، وهذه العملية تفقد الحماية في كلا الحسابين، وعندما يقدم «الهاكر» على اختراق الضحية، والحصول على كلمات المرور، يدخل بكل سهولة، من دون أن تصل رسالة نصية، أو إذن بالدخول، نتيجة فقدان ميزة التحقق بخطوتين، التي تكون عطلت بسبب طريقة الحماية الخاطئة.

وفي ختام الجلسة قال خالد القصاب: لا بدّ من المراقبة الذاتية على النفس، واللجوء إلى الوازع الديني، الذي أضحى ضعيفاً.

رقابة منزلية

قال المحامي والمستشار القانوني حمد القواضي: لا بدّ من وجود رقابة منزلية، وتدخل الأم في أمور الطفل كافة، من مراقبة حساباته، وأفكاره، حيث من الممكن أن يتعرض للابتزاز أو التشهير، أو التغرير به، ومن جانبنا توجد مبادرات في مراكز الشرطة كافة، وفي كل منها موظف دعم اجتماعي، فضلاً عن وجود برامج لرصد أي مبتزّ بطفل، وأي من هؤلاء يبعد فوراً من الدولة، بناء على قانون «وديمة»، وكذلك دورنا في وقاية المجتمع، واستباق المشكلة قبل حدوثها.

العقيد إبراهيم العاجل قال: لا ننسى الدور الكبير للمدرسة في تنبيه أولياء الأمور لأي تصرف، أو سلوك غير سليم من الطفل، ولا بدّ أن يكون لها دور تثقيفي، بطرح مواد عن الثقافة القانونية، حيث الجريمة اليوم في تطور، ولا بدّ أن تواكبها المناهج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n89z5ys

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"