السكوت على اللعب بالتاريخ

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تريد أن تعرف جانباً بالغ الخطر للتقاعس العربي في تأسيس البحث العلمي؟ العالم العربي لم يقف عند حدود الإبطاء والإبطاء، ففي بعض الميادين انتقل من التقاعس إلى التقاعد. هل تستطيع إحصاء أعداد اليوتيوبات المتخصصة في الحملات على الإسلام، رموزه، منظومة قيمه، أحداث تاريخه، وقائعه، جذور نشأته وكل ما له صلة بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد؟

ما يلفت الانتباه ويدعو إلى عميق التفكر هو أن هذه البرامج المبرمجة تشكيلة عجيبة التنوع. فيها الأكاديميون الملمّون بكل الدقائق والتفاصيل في المكتبة المترامية الأطراف من المراجع والمصادر، العارفون بأمهر التقنيات في حقن السموم إعلامياً، وفيها على الضفة الأخرى من لا يستطيع حتى إخفاء جهالاته وأحقاده. الصنف الأخير مريح، ولا يمكن أن يوسوس في أذهان المثقفين الواعين. الخطر، كل الخطر في العقارب والأفاعي الأكاديمية حين تنحرف عن الموضوعية، لمرض في نفس من ليس بيعقوب. كلا الفريقين استعرت نفثاته الشريرة منذ أوائل اليوتيوب، التي مضى من عمرها ثماني عشرة سنة. في هذه يحلو لأصحاب الدسائس والمخططات أن يمدوا أرجلهم بالساعة والساعتين. أما التغريدات التي تحسب على المغرّد حروفه، فزقزقاتها لا تسمن ولا تغني من ظمأ إلى الفتن، والتويتر لا يكفي للتوتير.

نحن في عصر جديد يتطلب تعاملاً مختلفاً مع التراث. كتب البحوث المتخصصة لم تكن في متناول الجميع. أما اليوم فقد صارت الأعمال الصالحة والطالحة ملقاة على أرصفة طرقات الشبكة. لكن لا ينبغي لعاقل تبرئة العالم الإسلامي من المسؤولية، فمنذ قرون؛ بل طوال التاريخ الإسلامي، ظل تاريخ الإسلام وراء الأسوار العالية والأبواب المغلّقة. كان قدماؤنا يتحدثون عن العامة والخاصة وخاصة الخاصة. إذا كان تاريخنا ملْكاً لنا فمؤرخونا ومفكرونا ووسائط إعلامنا أولى بفحصه واختبار معادنه، حتى لا يتولى الأمر الأكاديميون المغرضون ببلدوزرات متقنعة بالعلوم والمعارف لا تقوى الناشئة في بلاد العرب والمسلمين على التصدي لها. خارج وسائط التواصل يكتفي القلم بذكر أن كرسي القرآن الكريم في الجامعة الفرنسية «كوليج دو فرانس»، ألقيت فيه سلسلة من المحاضرات عن «تاريخ القرآن في العصر الأموي» لا يستطيع أن يمتحن صدقيتها وموضوعيتها، إلا الأكاديميون الراسخون في العلم، وهي متاحة على اليوتيوب والبودكاست. أمّا سموم اللسعات واللدغات من بني جلدتنا، المنقلبين والذين غيّروا جلودهم، فحدّث وما بالأفق من فرج.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: انتظروا مفاجآت العلوم في البحث العلمي، في التاريخ والإناسة. ألم يخترعوا الإرهاب والتطرّف من خلال التلاعب بمورّثات بذور إسلامية؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3t6hu4z2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"