ذروة أخرى للصراع

01:16 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

كل يوم يتأكد أن أوكرانيا ليست إلا ساحة للحرب الباردة بوجهها الجديد بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.

لذلك لا بأس من اعتبار تفاصيل المعارك التي جرت منذ أكثر من عام على الأراضي الأوكرانية، أو التي تحتدم الآن أو ينتظر نشوبها، مجرد خلفيات أو أعمال جزئية ضمن لوحة الصراع الأكبر الذي يذهب به طرفاه كل فترة إلى قمة التصعيد ثم يعودان إلى التفاصيل، وهكذا.

ولعل الصراع الآن في إحدى ذُراه، وهي ذروة بدأت بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهذا الإجراء بالطبع مدفوع أمريكياً، وكالعادة هلل له حلفاؤها في أوروبا، بل وبدأ البعض حديثاً عن آليات التنفيذ والإيقاع ببوتين بحجة قيامه بارتكاب جرائم حرب.

بوتين لم يعدم حلفاءه ومؤيديه في وجه هذه الخطوة، خاصة في الداخل الروسي، وأحدثهم فياتشيسلاف فولودين، رئيس البرلمان، الذي اقترح، السبت، حظر إجراءات المحكمة الجنائية الدولية في البلاد.

ورأى فولودين أنه يتعين تعديل الدستور الروسي لحظر أي نشاط للمحكمة الجنائية الدولية في الدولة ومعاقبة أي شخص يقدم المساعدة والدعم لها.

الأهم من هذا الرد هو جملة تحركات الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيدف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، وصديق بوتين ورفيقه السياسي.

تكثّف ظهور ميدفيدف منذ صدور قرار المحكمة، ولعل في ذلك تأكيداً على أن التفكير في المساس ببوتين، شخصاً ورئيساً، يمكن أن يكون بداية تحول في الصراع يذهب به إلى كل الاحتمالات.

أعاد ميدفيدف طرح القناعة الروسية بأن حرب موسكو مع حزب «الناتو» كاملاً، لكنها لا تخطط للدخول في صراع مباشر معه، فاهتمامها منصب على حل الأزمة الأوكرانية من خلال المحادثات.

الرئيس الروسي السابق الذي هدد بقصف المحكمة الجنائية الدولية رداً على قرارها بشأن اعتقال بوتين، هو لسان التصعيد مع الولايات المتحدة وحلفائها، يعيد ما قاله صديقه وحليفه السياسي، أو يفاجئ الساحة برؤى جديدة تخلط الأوراق مجدداً.

وبينما يشيع الحديث عن هجوم أوكراني مضاد على القوات الروسية، قال ميدفيدف إن قوات بلاده قد تزحف إلى كييف أو لفيف في أوكرانيا، أي أن ساحة الصراع يمكن أن تتمدد بالقدر الذي تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها وصولاً إلى مواجهة حقيقية مباشرة بين «أقوى جيوش العالم»، وساعتها ستكون وحشية.

التصريحات التي تعكس استراتيجيات روسية أكثر من تعبيرها عن تصورات لمسار معارك ضمن الأزمة تنطوي على تحذيرات للولايات المتحدة من الاطمئنان إلى أفضلية عسكرية قد تحسم مواجهة محتملة في أي وقت.

وفي التصريحات تأكيد على أن القوات الروسية لم تستنزف في الميدان الأوكراني، ولن تتأثر أمام أي دعم أمريكي أوروبي لكييف بالسلاح والخبراء، فهم سيبقون، في العقيدة الروسية، أهدافاً مشروعة خلال يوميات الصراع الذي يتعقد وتتعدد ذراه دون الأمل في مخرج قريب.

 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2eepmstb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"