«سره الباتع».. حرفية السينمائيين

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

مبكر الحكم على مسلسلات رمضان من حلقتين أو حتى ثلاث، فالبعض ينطلق قوياً ثم يتراجع ويضعف، بسبب قصر قماشة القصة، وإصرار كاتبها والمنتج على مط الأحداث، لتصل عنوة إلى الحلقة الثلاثين، والبعض تكون انطلاقته متوسطة ثم يعلو ويصل إلى الذروة، وهناك فئة ثالثة تلمس تميزها من نظرة، من مشهد، فتجذبك وتجبرك على انتظارها كل يوم، لما فيها من إتقان وحرفية عالية وتشويق ومتعة.
من هذه الفئة الشديدة التميز شاهدنا العام الماضي «جزيرة غمام» للكاتب عبد الرحيم كمال، والمخرج حسين المنباوي، وهذا الموسم نشاهد «سره الباتع» عن رواية للأديب الراحل يوسف إدريس، كتابة وإخراج خالد يوسف. كيف لا تضعه على رأس قائمة مشاهداتك الرمضانية وتنتظر الحلقة التالية بفارغ الصبر، وأمامك دراما مصنوعة بحرفية السينمائيين بكل ما فيها من تصوير وإخراج ومعارك وأزياء وألوان وديكور وتمثيل؟! إتقان في كل تفصيلة صغيرة وكبيرة، انتقال سلس عبر الزمن بين الحاضر والماضي يحول دون إرباك الجمهور في ربطه بين الأحداث وفهمه للشخصيات، خصوصاً أننا نتحدث عن عشرات الشخصيات الرئيسية ومئات الكومبارس، ما يؤكد براعة المخرج الذي يجيد إدارة كل هذه الشخصيات.
المخرج خالد يوسف يقدم عملاً غير عادي لقصة غير عادية؛ لذا تقدم السباق الرمضاني منذ الحلقة الأولى، ولا يعد الحكم على هذا المسلسل اليوم مبكراً، فحين تجد أمامك لوحات فنية مرسومة لا يمكنك إلا الحديث عن جمالها، وخالد يوسف رسم تلك اللوحات في المشاهد التاريخية التي يعيدنا بها إلى المعركة التي دارت بين الفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت والمماليك، وزمن الحملة الفرنسية وكيف أطلق نابليون اسم شاتونوف على البلدة المصرية التي انبهر بجمالها، وهي كلمة فرنسية تعني «القلعة الجديدة»، وحوّلها المصريون إلى شطانوف.
إيقاع سريع، كل نجم مكلف بالشخصية المناسبة له، فرصة جيدة للنجم أحمد السعدني يظهر فيها كل ما يملك من طاقة وموهبة وكاريزما وخفة ظل تذكرنا بوالده النجم صلاح السعدني.
مسلسل «سره الباتع» لم نشاهد منه سوى ثلاث حلقات، لكنها ثرية جداً وتحمل في أحداثها من الحقائق والخيال، ما يجعلنا نتمسك بالمتابعة، لمعرفة المزيد عن السلطان حامد، وعن السر المدفون معه.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/admfcmra

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"