عادي

كتاب «الإمارات السبع على الساحل الأخضر» لأحمد قاسم البوريني (1-2)

23:41 مساء
قراءة دقيقتين
1

بقلم: عبدالغفار حسين

كان مستهلّ الخمسينات (1953 1954) هو بداية التعليم النظامي في الإمارات، وفي هذا العِقد تأسست المدارس الحديثة، ووصلت طلائع المدرّسين العرب من مصر والشام، وتغيّر نمط التدريس في الإمارات تبعاً لذلك، وتحولت المدارس القديمة أو التدريس القديم إلى الشكل الحديث. ولأول مرة شاهدنا طلبتنا الصغار، ذكوراً وإناثاً، يرتدون الزي المدرسي المتميز، والذي لم يكن لأحدنا عهدٌ به من قبل، وكانت الشارقة هي المحطة الأولى لطلائع هؤلاء المدرسين.

ومع بدايات التعليم الحديث، قررت الكويت أن ترسل بعثة تعليمية وأخرى طبية إلى الإمارات في النصف الثاني من الخمسينات، وأثناء ذلك تقدّم مُعلِّم فلسطيني الجنسية يُدعى أحمد قاسم البوريني يعمل في مدارس الكويت، بطلب إلى دائرة المعارف الكويتية حينئذٍ، بأن يكون ضمن البعثة الموفدة إلى الشارقة، فتم اختياره وجاء مع البعثة تقريباً عام 1955.

1

ويبدو أن الأستاذ البوريني لم يكن مُعلِّم تلاميذ عادياً جاء ليؤدي عملاً روتينياً، ويبدو أيضاً أنه كان على جانب من الثقافة، فقد استغلّ وقت فراغه للبحث والدراسة والقراءة عن البلاد والعباد، فأخذ يدوّن ملاحظات وذكريات واستكشافات، حتى خرج بكتاب أطلق عليه اسم «الإمارات السبع على الساحل الأخضر».

ومع أن الاسم جميل وفيه شيء من الرومانسية، لكن الأستاذ البوريني لم يقل لنا كيف عنَّ له أن يُسمي كتابه «الساحل الأخضر»، وأنا أستشفّ أنه اقتبس الاسم من قول أورده في مَعرِض وصفه، وهو متَّجه إلى الشارقة قادماً من مطار الدوحة بقطر، حيث يقول : «بعد أن حطّت الطائرة الصغيرة ذات الثمانية ركاب، والطيار الوحيد، نصف ساعة على أرض مطار الدوحة بقطر، تابعت طيرانها شرقاً، محاذية ساحل عُمان الأخضر!». وكلنا نعلم أن الساحل من شبه جزيرة قطر إلى ساحل عُمان يكاد يكون قاحلاً أغبر، وليس بينه وبين الخضرة صلة قرابة! ولكن للحقيقة: هناك شيء من الصلة بين الاسم وبين ساحل عُمان، ولكن ليس في هذا الموقع الجغرافي من الخليج الذي ذكره البوريني، فاسم «الساحل الأخضر» أطلقه القادمون إلى هذه المناطق، وهم الهولنديون الذين جاؤوا خلفاء للبرتغاليين ومنازعين للإنجليز، الذين بدأت طلائعهم تجوب الخليج على جانبيه وقتئذٍ، وليست المنطقة كما يعرفها الجميع خضراء، بل كانت ساحلاً كاحلاً باستثناء شجيرات متناثرة هنا وهناك. وهذا على الأقل خلال القرون الأربعة الماضية، لكنّ الهولنديين دخلوا الخليج من بحر عُمان، وساحل بحر عُمان تقع عليه الباطنة، والباطنة ساحل أخضر تمتد على ضفافه حقول النخل والحمضيات والهمبا والموز وغيرها، في طول لا يقل عن 350 كيلومتراً، من حدود الفجيرة وحتى مسقط عاصمة عُمان، ويكاد يكون هذا الساحل هو أجمل سواحل الجزيرة العربية على الإطلاق. وظنَّ الهولنديون أن ساحل عُمان هو امتداد لساحل الباطنة الذي لم يعرفوا اسمه، فسمّوا الساحلين بالساحل الأخضر، كان هذا حوالي عام 1590م، أو نحو ذلك.

وللحديث بقية، غداً إن شاء الله

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4dcnk5pu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"