حبّة رمل كالمجرّة

هل تريد نفحة علمية تأخذك إلى فضاءات العرفان؟ هل ترنو إلى ومضة فيزياء تجد على نورها هدى إلى عوالم الصوفية فلا تعود تعرف فيها المادة من اللاّمادة؟ هل ترغب في شطحة علمية تنسيك كل ما تعلّمته أو تخيّلته عن الأرقام التي كنت تظن أنها كبيرة أو متناهية في الكبر؟ هل حار ذهنك حيرة جذب ووجد وفناء في مشاهدة ما لا تراه عيوننا ممّا وراء الواقع المادي أو الذي يلوح ماديّاً؟
مجلة «كالتيك» الصادرة عن «معهد كالتيك للتكنولوجيا» في كاليفورنيا، نشرت في عدد يعود إلى 29 نوفمبر 2021، مقالاً ضافياً تحت عنوان: «هل الكون منقّط؟». الكلمة في الأصل مُبَكْسل أي متشكل من بكسلات مثل الصورة الفوتوغرافية أو التلفزيونية؟ القارئ الكريم يعرف أن أكبر مشكلة تواجهها الفيزياء هي توحيد القوى الأربع: الجاذبية، الكهراطيسيّة، القوة النووية الشديدة، والقوة النووية الضعيفة، في سبيل أن تكون للكون نظريّة واحدة. استطراداً: تأمّل التناغم بين التوحيد الإيماني والتوحيد الفيزيائي. العنصر المتمرد هو الجاذبية؛ لأنها لا تدخل في عداد أسرة الذرّة. الأمل المنشود هو العثور على دلائل تثبت وجود جاذبية كوانتومية. لكن العلم لا يعرف اليأس.
حين ترنو إلى الصحراء من بعيد، تبدو لك مثل بساط من حرير، لكنك عندما تراها من قريب، تبصر تموّجاتها، وعند اللمس تحسّ بالحبيبات. الصورة الرقمية كذلك إذا كبّرتها أكثر فأكثر لاحت لك النقط، البكسلات. قد يكون الكون أيضاً منقّطاً على النحو ذاته، مكوّناً كالصورة من نقط دقيقة متناهية الصغر. يقول عالم الفيزياء الأمريكي الهندي الأصل «رنا أديكاري»: إن البكسل الواحد من الزمكان، (الزمان المكان)، صغير إلى حدّ أن تكبيره إلى أن يصير في حجم حبّة الرمل، تغدو الذرّة عندئذ في حجم المجرّة! قُطر مجرّتنا مئة ألف سنة ضوئية. اضرب الرقم في عشرة آلاف مليار كيلومتر. مئة ألف سنة إذا صارت سرعتك ثلاثمئة ألف كيلومتر في الثانية.
كل علماء الفيزياء في العالم يبحثون عن تلك البكسلة الضئيلة؛ لأنها تنبئ لديهم بوجود جاذبية كوانتومية تتعلق بمجموعة من النظريات، من بينها نظرية الأوتار الفائقة، التي تتوق إلى توحيد أكبر كبير، الذي تحكمه النسبية العامة، وأصغر صغير أي فيزياء الكم.
لزوم ما يلزم: النتيجة اليقينية: إن لم يدرك أبناؤنا، فسوف يعلم أحفادنا علم اليقين أن تاريخنا الحديث ظلمنا بقسوة حين حفر السبات هاوية بين الأجيال وبين العلوم وفلسفة العلوم.
[email protected]