عادي

إيلون ماسك.. سيلفي روسي يثير قلق أمريكا

23:09 مساء
قراءة 4 دقائق
إعداد: هشام مدخنة

كانت الأرجنتين تتجه نحو فوزها المثير على فرنسا في كأس العالم في قطر، ووقف إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا ومالك شركة تويتر، في المدرجات ضاحكاً. اقتربت منه امرأة وطلبت أن تتصور معه صورة «سيلفي»، وقد تحدثت معه لفترة وجيزة وغادرت، وذلك وفقاً لمقطع فيديو قصير للقاء نُشر على «تيك توك». ولا يبدو أن ماسك كان يعرف هذه المرأة. ولكن بالعودة إلى واشنطن، وبعد نشر لقطة لها مع الملياردير على الإنترنت، شعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق. لقد كانت هذه السيدة هي نيليا أسكر زيد: شخصية تلفزيونية روسية يعتبرها خصوم الرئيس فلاديمير بوتين واحدة من كبار المروجين له. وقد تمكنت للتو من الوصول إلى رجل يقود شركة «سبيس إكس» التي تعد من أهم شركات الفضاء في البلاد.

ليس هناك ما يشير إلى أن لقاء ماسك في ديسمبر مع أسكر زيد كان مشبوهاً. لكنه يوضح، من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين، مشكلتهم مع ماسك. فمنذ استحواذه على «تويتر» في أكتوبر مقابل 44 مليار دولار، يتحكم ماسك الآن في خمس شركات منتشرة في قطاعات النقل والطيران والصحة والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي. وتتقاطع جميعها مع الجهات الحكومية بدرجات متفاوتة، ما يمنح الملياردير نفوذاً عالمياً.

وتدعم سيارات تيسلا الكهربائية أجندة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمناخ، فيما تحافظ شركة «سبيس إكس» على طموحات وكالة «ناسا» لاستكشاف الفضاء، في حين توفر شبكة «ستارلينك» التابعة لها، التي يُرجح أنها تمتلك أكبر أسطول من الأقمار الصناعية في القطاع الخاص في العالم، شريان حياة اتصال حيوي للقوات الأوكرانية التي تقاتل الروس. ومنذ توليه إدارة «تويتر»، قام ماسك بتسريح عدد كبير من موظفيها وتخلى عن أي مظهر من مظاهر تعديل المحتوى أو حجبه، ما سمح للمعلومات المضللة بالانتشار والازدهار، وأحياناً كان يعيد تغريدها على حسابه الخاص الذي يتابعه ما يقرب من 132 مليون شخص. كما تحالف ماسك مع الجمهوريين الذين يقولون بأن حساباتهم تتعرض للحجب من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى والديمقراطيين، وقد أيد ماسك علناً معارضي بايدن.

  • إمبراطورية ماسك

داخل إدارة بايدن، يخشى بعض كبار المسؤولين من أنه من الصعب المساس بإمبراطورية ماسك التجارية وثروته الهائلة وتحالفاته السياسية. كما أنهم قلقون من أنه بسبب البصمة المتزايدة لشركة تيسلا في الصين، واعتماد ماسك على التمويل القادم من الشرق الأوسط لإتمام صفقة الاستحواذ على «تويتر»، قد يتعرض ماسك إلى التأثير من قبل جهات أجنبية.

ووصف أحد المسؤولين الأمريكيين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، شركة تيسلا بأنها شركة صينية لديها شركات تابعة لها في الولايات المتحدة، حيث استحوذ مصنع الشركة في شنغهاي على أكثر من نصف إنتاجها العالمي العام الماضي. وقال بايدن نفسه إن العلاقات الخارجية لماسك «تستحق المعاينة».

وعلى خلاف السياسة الأمريكية، اقترح ماسك خطة صديقة لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا وخطة إعادة توحيد لتايوان والصين التي أشادت بها حكومة بكين علناً. وقال السيناتور مارك وارنر، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا يرأس لجنة الاستخبارات، في أكتوبر: «لا أعتقد أن هناك أمريكياً آخر يعتمد على سخاء الحزب الشيوعي الصيني أكثر من إيلون موسك».

  • مراجعة سرية

وتكهن بعض مسؤولي إدارة بايدن بأن الحكومة قد تحتاج في يوم من الأيام إلى تفكيك إمبراطورية ماسك. وفكر البعض في الإدارة فيما إذا كان يتعين إخضاع صفقة استحواذ ماسك على «تويتر» للمراجعة من لجنة سرية تابعة للجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، التي يمكنها إيقاف صفقات الشركات التي تضم مستثمرين أجانب بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. وأقام ماسك علاقات وثيقة مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، الذي تعد منطقته في كاليفورنيا موطنًا لعمليات «سبيس إكس». وقال السيناتور كريس مورفي، وهو ديمقراطي من ولاية كناتيكيت: «لا يمكن التراجع عن حقيقة أن حفنة من الرجال فاحشي الثراء لديهم تأثير كبير في الاقتصاد الأمريكي».

وحتى قبل شراء «تويتر»، كان ماسك يتمتع بنفوذ كبير في واشنطن، حيث يمتلك «سبيس إكس» التي لديها تعاقدات مع الحكومة الأمريكية بلغت قيمتها 3 مليارات دولار في عام 2022. وقال ماسك إنه صوت «على مضض» لصالح جو بايدن في عام 2020، لكن توجهه السياسي انحرف إلى اليمين منذ أن تولى الرئيس منصبه. وقبل أيام من الانتخابات النصفية في نوفمبر الماضي، حث الملايين من متابعيه على «تويتر» على التصويت للجمهوريين.

  • إنهاء الحرب

وفي أكتوبر، غرد ماسك بخطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تستلزم اعتراف كييف بشبه جزيرة القرم على أنها أرض روسية، والتخلي عن طموحها للانضمام إلى الناتو، والموافقة على انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في المناطق التي تسيطر عليها روسيا، وأصاب ذلك مسؤولي المخابرات الأمريكيين بالرعب. وأشاد حلفاء بوتين بالاقتراح بينما ساعدوا في الترويج لفكرة أن أوكرانيا يجب أن تقدم تنازلات لروسيا لإنهاء الحرب وأن على الولايات المتحدة وحلفائها كبح الدعم لجيش كييف. وقد ترسخت هذه المشاعر بين بعض السياسيين الجمهوريين، ما أدى إلى تعقيد جهود بايدن وزعماء جمهوريين مثل السيناتور ميتش ماكونيل للحفاظ على الدعم العسكري الأمريكي للجهود الحربية الأوكرانية. كما هدد ماسك في تغريدة بقطع وصول أوكرانيا المجاني إلى شبكة «ستارلينك»، التي يعتبرها المسؤولون الأمريكيون ميزة رئيسية لكييف، ما يسمح للقادة العسكريين في البلاد بالحفاظ على القيادة والسيطرة على قواتها دون الاعتماد على أنظمة الراديو والهواتف التي يمكن أن تخترق.

  • مصالح مشتركة

قال السيناتور ديك دوربين، العضو الديمقراطي الثاني في مجلس الشيوخ، «آمل بالتأكيد أن نضغط على ماسك للانضمام إلى أسرة الدول المتحضرة في معارضة بوتين وبذل كل ما في وسعنا لهزيمته».

وعلى الرغم من وجود تعارض بين ماسك وبايدن، إلا أنهما بحاجة إلى بعضهما البعض، إذ تتوافق طموحات مشاريع ماسك مع العناصر الرئيسية لأجندة الرئيس الأمريكي، بما في ذلك زيادة حصة السيارات الكهربائية على الطريق، حيث التقى مسؤولو البيت الأبيض في 27 يناير مع ماسك وقادة «تيسلا» في مكتب الشركة بواشنطن، حيث ناقشوا كيف يمكن أن تساعد شركة صناعة السيارات إدارة بايدن في تحقيق أهدافها المناخية، بما في ذلك عن طريق فتح شبكتها من محطات الشحن للمركبات التي يصنعها المنافسون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pca2x6y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"