الصمت ميزة

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يقال: إن الكلمات حادة مثل حد السيف، وهي من دون شك قادرة على إحداث تأثير كبير في الآخرين، لها القدرة على إسعادهم، أو إحداث جرح عميق في أرواحهم، إنها قادرة على تكوين العلاقات وبنائها، لكنها أيضاً قادرة على تحطيمها وإنهائها. هناك مثل يتم ترديده ومتداول، مفاده: «كلام أقل يعني أخطاء أقل» في الواقع، هذه المقولة، صحيحة في أغلب الأوقات، وإلى حد ما، فإن الكثير من الناس لا يعلمون عن فن الحوار، ما هي أنسب اللحظات للكلام، ومتى يكون الصمت أكثر فائدة وجدوى، متى تكون مشاركتنا في حوار أو حديث متداول ذات فائدة ومغزى وهدف.
عندما نكون في مجلس ما، يضم عدداً من الناس، قد تلاحظ وجود واحد من بينهم، يغلب عليه الصمت والاستماع، لكنه عندما يتحدث فإن الجميع يهتمون وينصتون، وكأن هناك اتفاقاً على أن ما يتحدث به له فائدة وجدوى، والاستماع إليه فرصة سانحة، على عكسه ذلك الشخص الذي يتحدث طوال الجلسة، بكل ما يتبادر إلى ذهنه، ويرتكب الكثير من الأخطاء في حديثه، وينظر إليه الآخرون بامتعاض وتشكيك. مثل هذا الموقف يذكرني بمقولة جاء فيها: «تحدث عندما يكون كلامك مفيداً أكثر من صمتك». 
بعض الناس يخطئون في تفسير الصمت، أو تجنب الكلام الكثير، ويعتقدون أن هذا سيؤدي إلى هضم حقهم، أو تجاهلهم، بينما صمتهم سيزيدهم وقاراً ومهابة، وتحكماً بدفة الحوار، والتمكن من المشاركة والدخول في النقاش متى ما أرادوا. على سبيل المثال، في اجتماعات العمل، التي يرى البعض أن مشاركتهم فيها مهمة لإسماع صوتهم فقط دون وجود هدف، أو غاية، أو معنى يضيف للاجتماع، قد ينعكس ضده، وتكون لكلماته أثرها السلبي، بينما الصمت كان في تلك اللحظة أكثر حكمة.
نحن نحتاج إلى تعويد أنفسنا وتدريبها على الصمت، ومهارة وفن الحوار والنقاش، وأن نعود أنفسنا على أن نستمع أكثر مما نتحدث، وأن نحرص على أن تكون الموازنة بين الكلام، والاستماع، مقننة، وليست عشوائية، أن تستمع أكثر للآخرين، يعني رؤيتك للموضوع من جانبهم أيضاً، وستتوسع مداركك بشكل أكبر، وسيكون لديك الوقت للتفكير فيما ستقوله، وتجيب عنه، وهذا يعني أن ما ستقوله سيكون أكثر دقة، وتأثيره وقيمته أكبر لدى كل من يستمع لك.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr46mnva

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"