اللهجة خارج السيطرة

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

الدراما المصرية انتعشت، تنوعت مواضيعها، لكن الرياح الأقوى تهب دائماً من الصعيد ومن قرى الدلتا، حيث لا يخلو أي موسم رمضاني من الدراما الصعيدية، التي تنجح في جذب الجمهور إليها حتى وإن اتجهت في أغلبيتها نحو فكرة الثأر والصراع بين العائلات والصراع على السلطة وتجارة السلاح.. لكن المستغرب هذا الموسم أن كل ما نشاهده من أعمال خرجت عن نطاق العاصمة، اختلط فيها الحابل بالنابل، وضاعت اللهجات، حتى بين أبناء الأسرة الواحدة تسمع ألف لهجة ولهجة.
لن نعدد أسماء المسلسلات التي تجسد قصصاً من القرى البعيدة ومن الصعيد، لكننا نذكر أمثلة عن عجز المؤلفين والمخرجين والممثلين عن تقديم عمل متقن من ألفه إلى يائه، خصوصاً من حيث إتقان اللهجة التي تعتبر في الدراما هي بوابة الجمهور وبشكل مباشر إلى هوية الشخصية وهوية المسلسل، وهي التي تقرّب العمل وأبطاله من الجمهور الذي تجسده وتحكي عن بيئته ومشاكله وأحلام أبنائه.
نستغرب أن يرتكب المخرجون المحترفون مثل هذه الهفوة، إذ لا يمكن أن يكون الاستعجال في تصوير الأعمال للحاق بالعرض في شهر رمضان هو السبب، فلماذا لم تتم الاستعانة بمدققين وخبراء في مراقبة اللهجة والنطق السليم للممثلين؟
 نأخذ مثلاً مسلسل «عملة نادرة»، حيث تعلو اللكنة واللهجة الصعيدية حيناً وتختفي حيناً، وتجد في المشهد الواحد وضمن أبناء الأسرة الواحدة من يتحدث بلهجة صعيدية ظاهرة ويبالغ أحياناً، ومن ينقلب فجأة من الصعيدي إلى «القاهري» بامتياز! «سره الباتع» يغرد فيه كل ممثل في سماء وحده حتى بتنا لا نعرف ما هي هوية ولكنة هؤلاء الأبطال، أبناء «شطانوف» وهي إحدى قرى مركز أشمون التابع لمحافظة المنوفية.
«حضرة العمدة» لم يسلم أيضاً من هذه الهفوة، والمشكلة أن بعض الممثلين يغالون باللهجة فتشعر أنهم يمثلون ويبذلون مجهوداً في النطق مثل نهلة سلامة، بينما آخرون يتحدثون بلهجة صعيدية حيناً ويتراجعون عنها حيناً آخر.
طبعاً هناك أمثلة أخرى، ولم نشاهد كل الأعمال بعد كي نحكم عليها، لكن هذه السقطات لا يمكن تجاهلها وهي لافتة وتستفز السمع، كما تُفقد تلك الأعمال جزءاً من المهنية والإتقان فيها، فتُضعفها وتوحي لنا بأنها جاءت على عجل وكيفما اتفق.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr4btnec

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"