تشات جي بي تي وتحديات الصناعة الإخبارية

تمكن تشات جي بي تي الذي أطلقته «أوبن أي آي» في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٢ من حصد الاهتمام في أوساط مختلفة، ومن بينها الإخبارية والصحفية؛ حيث يطرح العاملون فيها أسئلة من مثل: هل سيتم الاستعاضة عن الصحفيين بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ من هم الصحفيون الأكثر عرضة لهذا الاضطراب المهني؟ وهل تمثل هذه الأداة تحدياً أم حلاً لبعض المشكلات التي تواجه صناعة الأخبار؟.
إن هذا التطبيق الذي وصل عدد مشتركيه في ٢٠٢٣ إلى ١٠٠ مليون مشترك هو ليس التجربة الأولى والوحيدة بالنسبة للمؤسسات الإخبارية، فقد تم استخدام ابتكارات الذكاء الاصطناعي على ثلاث مراحل هي: الأتمتة، حيث ركزت بعض أهم وكالات الأنباء مثل «رويترز» ووكالة الأنباء الفرنسية على استخدام تقنية توليد اللغة الطبيعية لصناعة القصص الإخبارية المستندة إلى البيانات مثل التقارير المالية والمؤشرات الاقتصادية والنتائج الرياضية، المرحلة الثانية تمثلت في استخدام التعلم الآلي لزيادة التقارير وتحليل مجموعة البيانات الكبيرة واكتشاف الاتجاهات، استخدمتها بعض الصحف مثل لا «ناكيون» الأرجنتينية عام ٢٠١٩ وأنشأت مختبراً للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع فرق متخصصة في المجال، أما المرحلة الثالثة فهي ما نشهده الآن من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتجاوز التقارير الآلية البسيطة وتحليل البيانات؛ حيث يمكن للصحفيين الطلب من التطبيق كتابة مقال أكثر طولاً وتوازناً حول موضوع معين، بأسلوب كاتب أو مطبوعة مشهورة.
على الرغم من الفرص الكثيرة التي تقدمها تقنيات توليد اللغة الطبيعية في تجميع المعلومات وإجراء التعديلات وإبلاغ التقارير، إلا أنه كما يرى كثير من الصحفيين، يفتقد إلى بعض المهارات الأساسية، فهو ليس أصيلاً ولا يقدم شيئاً جديداً، كما أنه لا يملك قدرة تحليلية، كما أن هناك تحدي الوقوع في الأخطاء من جهة دقة المعلومات وسلامة المراجع، وخاصة فيما يتعلق بالأحداث الجارية، والبيانات في الوقت الفعلي أو الحسابات الدقيقة، والأمر لا يلغي دور هذه التطبيقات في تحسين العمل الإخباري والصحفي، إلا أنه يجب أن يترافق بالاعتراف بالمخاطر التي تواجه العملية والتعامل معها.
إن التحدي الذي تفرضه المرحلة الجديدة يجب أن يقابله تركيز على الابتكار الصحفي، تطوير أنظمة الكشف عن الأحداث والكشف عن المعلومات في الوقت الفعلي وحسابها باستخدام النماذج اللغوية الكبيرة، والجمع بين مبادئ الصحافة الاستقصائية والتعلم الآلي.
 [email protected]