عادي

حماية غابات الأمازون

21:48 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سيانتفيك أمريكان)

تبدو غابات الأمازون الواقعة في أمريكا اللاتينية، عند النظر إليها من أعلى، كما لو كانت ثوباً زمرديّاً كثيف الخضرة، إذ تُعد موطناً لملايين الحيوانات ويجري على أرضها أكبر أنهار العالم من حيث الحجم، ويُضاف إلى ذلك أن هذه الغابات تؤدي دوراً محوريّاً في حماية كوكبنا الأرضي من التأثيرات الضارة الناجمة عن تغيُّر المناخ.

وتغطي غابات الأمازون مساحةً تقارب سبعة ملايين كيلو متر مربع، أي ما يعادل مساحة أستراليا، ونظراً إلى ضخامة حجمها على هذا النحو، فإنها تؤدي دوراً بالغ الأهمية في قضية المناخ؛ فمع وجود هذا العدد الهائل من الأشجار التي تغطي تلك المساحة الضخمة من الأرض، فإن كل شيء يحدث لتلك الغابات يكون ضخماً وعميق الأثر، وبعض خصائص غابات الأمازون فريدٌ من نوعه، فهي صانعة مناخها، إذ تُولِّد بعضاً من أمطارها وتحتفظ ببرودة الجو في أرجائها، في الوقت ذاته التي تحافظ فيه على ثبات درجات الحرارة واستقرارها في الإقليم، وإذا ما أضفنا إلى ذلك كتل غازات الدفيئة التي تخزنها الكتلة البيولوجية لتلك الغابات، فسيصبح لديك حارسٌ طبيعي للمناخ، لكننا لا نكف عن تفكيك تلك الغابات الثمينة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقُم تغير المناخ بطرقٍ عديدة لم يبدأ العلماء في فهمها إلا منذ وقتٍ قريب.

وجميع الغابات الموجودة على ظهر الكرة الأرضية تُؤثر في الغلاف الجوي؛ فالأشجار تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو عن طريق عملية التمثيل الضوئي، وتُخزِّن غازات الدفيئة في أوراق الشجر والجذوع والجذور والتربة المتاخمة لها، وهذا الحجم الهائل الذي تمتاز به غابات الأمازون يؤهلها لتكون من أكبر أحواض الكربون في العالم.

ونحو نصف المخزون الكربوني كامنٌ في التربة، أما النصف الآخر فيكمن في أشجارها التي تحتوي على نحو 20% من إجمالي الكربون الذي يحتجزه الغطاء النباتي في مختلِف أرجاء الكوكب.

لكن البشر حين يعمدون إلى قطع تلك الأشجار، تُطلِق الكتلة الحيوية الكربون المخزن فيها لتُعيده مرةً أخرى إلى الغلاف الجوي في صورة غاز ثاني أكسيد الكربون، ما يُسبِّب احتراراً، وعلى غرار غازات الدفيئة الأخرى، تمنع جزيئات غاز ثاني أكسيد الكربون الحرارة الموجودة على الأرض من التسرُّب عائدةً إلى الفضاء، ويقطع العاملون في مجالي الزراعة والتعدين على نحوٍ متواصل تلك الشبكة الكثيفة المؤلفة من 16 ألف نوع من الأشجار في غابات الأمازون، وإجمالًا، فإن عمليات اجتثاث الأشجار أزالت 17 % من الغطاء الشجري في تلك الغابات المطيرة منذ عام 1970.

وغالباً ما تعمل صناعات إزالة الغابات على تجريد منطقةٍ ما من الأشجار عبر إشعال الحرائق فيها، وسرعان ما يتسبَّب هذا في إطلاق الكربون المخزون في تلك الأشجار إلى الغلاف الجوي، أما الأشجار المقطوعة التي لم تلتهمها ألسنة اللهب فتتحلل بدورها.

ولحماية هذه الجوهرة الثمينة التي يزدان بها كوكبنا، على أن المجتمع الدولي بحاجةٍ ماسة إلى كبح جماح عمليات إزالة الغابات والحد من انبعاثات غازات الدفيئة، كما يحتاج بشدة إلى إعادة تشجير المناطق المتضررة، حيثما أمكنه ذلك، وإضافةً إلى هذا، فإن إنقاذ غابات الأمازون ذو صلةٍ وثيقة بحقوق السكان الأصليين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j8zumcb3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"