وقت الضيق

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

وقت الضيق تعرف جيداً على من اتكأت ومن الذي أسندك، في هذا الوقت تحديداً تعي كم أنت محظوظ بكل أفراد عائلتك أو بأصدقائك أم أن كل تلك الخيلاء بهم مجرد وهم، وأنهم ليسوا سوى سراب.
عند الضيق يتسنى لك أن تدرك أن صلتك بالأشخاص وعلاقتك بهم لا تقاسان أبداً بطول سنينهما أو بمقدار الوقت الذي تقضيه معهم، لكنها بمقدار حرصك عليهم وحرصهم عليك، بكيفية تعاملهم مع أفراحك وأحزانك، مع حاجتك لكف تربت عليك وظهر يسندك حتى تخال أنه حائط لشدة صلابته من خلفك، ليد تمسك بك لتعبرا معاً كل الحواجز والطرق الشائكة حتى تصلا  بر الأمان، فيتفقد صاحبها كل ذرة في قلبك ويتأكد أنك وروحك بخير.
عند الضيق تعرف جيداً من هو صديقك الحقيقي الذي يستحق كل الوقت الذي قضيته في القلق عليه، أو محاولة إسعاده، أو مساعدته لكي يقف كلما تعثر أو وقع. تعرف جيداً من الذي سيتلقف دمعتك حين تسقط ويمسحها بيد حانية محاولاً استعادة ابتسامتك بكل ما أوتي من نبض.
وقت الضيق فقط تستطيع أن تراهن على حقيقة المشاعر التي كانت تتردد من حولك، فتعرف صدقها من المزور منها، تعرف الوجه من القناع، تعرف القلب من الحجر، تعرف الصدق من الكذب، والصديق من الذي لا يعرف معنى هذه الكلمة.
لا أحد يتمنى أن يصاب بضيق أو يدخل حالة من الحزن أو موقفاً صعباً تتهاوى فيه روحه، لكن هذه المواقف وهذه الحالات نعمة من الله لأنها تكشف كل الدائرة من حولك، وتجعلك قادراً على تحجيم كل شيء كما يجب، وكأنك ترى المشهد من أعلى فلا يخفى عليك شيء.
في هذه الأوقات نكون أحوج ما نكون لحضن صديق أو ابتسامة رفيق أو عبارة مجاملة بأن كل شيء سيكون على ما يرام قريباً، حتى ولو كانت مجرد عبارة لا حقيقة فيها وأن ال «مايرام» يحتاج لوقت طويل كي يصل.
في هذه الأوقات فقط يكون لكل كلمة جميلة ألف ضعفها من التأثير على الروح، ولكل لمسة حانية أضعافها من الراحة، ولكل اتصال ولو من بعيد ماهو أبعد من معناه. هي أوقات على الرغم من صعوبتها إلا أنها تفتح لنا أبواب أوقات أجمل خالية من كل سطحية عشنا بها سابقاً في تعاملنا مع أنفسنا وما حولنا.
أبعد الله عن الجميع كل هذه الأوقات الصعبة وكل ما تجره من حقائق صادمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/49y8s9ad

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"