عادي

الجمال بوابة هدوء النفس

23:49 مساء
قراءة 3 دقائق
سانا نافيد

الشارقة: عثمان حسن

تنطلق الخطاطة الأمريكية، باكستانية الأصل، سانا نافيد في لوحاتها الخطية من حالة روحية تعتبرها أساسية، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسين فن الخط العربي، خاصة وأن معظم اللوحات المكتوبة بهذا الخط، تستند إلى آيات ونصوص قرآنية في غالبيتها.

من اللوحات الآسرة لسانا نافيد واحدة استخدمت فيها آية الكرسي، كما استخدمت فيها «البسملة»، وذلك بأحبار وأكريليك، وقدمت هذه اللوحة بالخط الذي تجيده وهو الثلث. خطت نافيد هذه الآية باللون الذهبي في دائرة بقطر كبير، في إطار باللون الأزرق، وهذه الدائرة الكبيرة تحتضن دائرة بقطر أصغر، تحتوي على البسملة التي خطتها نافيد باللون الأسود في إطار باللون الأصفر.

البراعة في تصميم هذه اللوحة الآسرة تجذب عين المشاهد إلى جمال وتناغم الخط في كل من الآية والبسملة، خاصة وأنها جعلت الكتلة الخطية للبسملة والآية داخل مربع مزخرف بإطار أصفر من زواياه الأربع.

1

تستحق الزخرفة الإسلامية التي استخدمتها نافيد من أغصان وأوراق النبات أن نتوقف عندها لجهة ألوانها (الأحمر والأصفر والأخضر) هذه الألوان بما تعكسه من دلالات مشرقة، وأيضاً لجهة تصميم الزخرفة ذاتها، التي اتبعت فيها نافيد القواعد والأسس الصحيحة في تنفيذها، وهي التوازن، والتناظر أو التماثل، والتشعب، والتشابك، والتكرار، والتناسب.

هذا التكوين الفني المتكامل، ما بين الخط وأصول الزخرفة، أكسب اللوحة مزيداً من علامات الفن الجميل، فهي بكل تأكيد لوحة مزينة بكل مكونات الإبهار البصري الذي تستريح معه عين المشاهد وبصيرته، فيوحي بالجمال، والهدوء، والسحر، ناهيك عما تتضمنه اللوحة من براعة في حسن توزيع العناصر، والوحدات، والألوان، وتناسق علاقاتها ببعضها، وفي علاقة كل ذلك بالفراغات المحيطة باللوحة. هذه التكوينات التزيينية الجميلة هي إحدى مميزات الزخرفة العربية الإسلامية، عبر تداخل الأشكال الهندسية، حيث تلتف وتتشابك أوراق وأزهار النباتات بطريقة متعاكسة تفيد التكرار على نحو متواصل ومتناسب.

ميزات

قامت نافيد في هذه اللوحة بتأكيد خصائص ومميزات الزخرفة، ومن هذه الخصائص تحقيق شرط التوازن الذي يشمل السطوح والمساحات، وهذه الميزة تطلبت من نافيد بحثاً في نسب التكوين، والفراغ، والكتلة، واللون، وأيضاً الخط، بحيث شكلت في نهاية المطاف وحدة زخرفية، هذه الوحدة جاءت في شكل جميل يكاد ينطق عن عالم النبات في الطبيعة والوجود الفعلي.

تميز الخطاطة نافيذ في خط الثلث، عكس مهارة ملحوظة في تقديم هذا الخط بحسب أصوله وقواعده المعروفة، وما يزيد من جمال هذه اللوحة، هو ذلك التنسيق اللوني الذي يوحي بدلالاته المادية في الحضارة الإسلامية، وهي دلالات ذات مرتكزات دينية ذات تعبيرات رمزية، وقد ذكر القرآن الكريم ستة ألوان بينها الأخضر والأزرق والأحمر والأصفر، وهي في مجموعها من الألوان الزاهية التي انعكست في كثير من آثار الحضارة الإسلامية في عصور مختلفة.

وقد استطاعت نافيد أن تعكس في اللوحة إحساساً روحياً، يتبدى بقوة من خلال تأمل العلاقة ما بين اللون والخط، لا سيما مع الأحمر والذهبي والأخضر وتوزيعات هذه الألوان في مساحات منتقاة بعناية سواء في داخل اللوحة، أو في أطرها ونهاياتها.

لقد كان اختيار الثلث في اللوحة مدروساً بعناية فائقة، تحققت في تلك الشروط التي صممت فيها بعض الحروف على وجه الخصوص، لا سيما الألف والميم، وقيام الخطاطة سانا نافيد باستخدام السماكة المناسبة للقلم في الثلث، والمقدرة بخمس درجات أو خمس نقاط، كما قدمت خطاً مميزاً من حيث تشكيلات حروفه، وما فيها من مرونة وليونة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fms54hh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"