عادي

النبي يخرج من المعتكف إكراماً لصفية

00:08 صباحا
قراءة 4 دقائق
Ramadan Kareem background.Mosque window

جبر الخواطر عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خلق إسلامي عظيم، يدل على سمو نفسه، وعظمة قلبه، ورجاحة عقله. بهذا الخلق، يجبر النبي نفوساً كُسرت، وقلوباً فطرت، وأرواحاً أزهقت، وأجساماً مرضت.

وجبر الخواطر عبادة وطاعة لله، تعالى، وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يقول بين السجدتين «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني». و«جبر الخواطر» صفة من صفات الأنبياء، فهم يتسمون بحسن المعاملة وطيبة القلب. وسُئل الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن أكثر الأفعال التي يدخل بها الإنسان الجنة، فقال: «التقوى وحسن الخلق»، وجبر الخاطر من حسن الخلق، وصفة إسلامية وإنسانية عظيمة، ولا تصدر إلا من صاحب القلب الطيب والأخلاق الحسنة، فهي مداواة للقلب.

يذكر د. مصطفى مراد، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر في كتاب «زوجات الأنبياء، زواج السيدة صفية من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يهود خيبر رفضوا دعوة السلام والتعايش التي وثقها النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدومه المدينة مع يهودها، فقامت الحرب بين الطرفين، وانتصر المسلمون على يهود خيبر، وأسرت أم المؤمنين السيدة صفية رضي الله عنها وهي بنت حيي بن أخطب بن سعية من سبط اللاوي بن نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، تزوجها سلام بن أبي الحقيق قبل إسلامها، ثم خلف عليها كنانة ابن أبي الحقيق، وكان من شعراء اليهود، فقتل كنانة يوم خيبر عنها، وسُبيت وصارت في سهم دحية الكلبي- رضي الله عنه- فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم عنها، وأنها لا ينبغي أن تكون إلا لك، قال: أدعوه بها، قال: فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذ جارية من السبي غيرها. قال: وأعتقها وتزوجها. وذلك بعد أن طهرت وجعل عتقها صداقها. وأسلمت صفية وحسن إسلامها.

يقول الكاتب أحمد خليل جمعة في كتاب «نساء الأنبياء» في ضوء القرآن والسنة، واختارت وفضلت السيدة صفية رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهلها وعشيرتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها ويجبر بخاطرها ويحسن إليها ويحب رضاها، قال أنس رضي الله عنه: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبو طلحة وصفية رديفته، فعثرت الناقة، فصرع، وصرعت، فاقتحم أبو طلحة عن راحلته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا نبي الله، هل ضرك شيء، قال: لا، عليك بالمرأة، فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه، وقصد نحوها، فنبذ الثوب عليها، فقامت فشدها على راحلته، فركبت، وركب النبي صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك جبراً لخاطرها.

وعن عطاء بن يسار قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، ومعه صفية، أنزلها، فسمع بجمالها نساء الأنصار، فجئن ينظرن إليها، وكانت عائشة متنقبة حتى دخلت، فعرفها، فلما خرجت. خرج، فقال: كيف رأيت؟ قالت: رأيت يهودية، قال: لا تقولي هذا فقد أسلمت. وقالت صفية بنت حيي – رضي الله عنها-: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام، فذكرت له ذلك، فقال: ألا قلت: وكيف تكونان خيراً منى، وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى. وكان بلغها أنهما قالتا: نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، ونحن أزواجه وبنات عمه.

ويضيف د. مصطفى مراد، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر في كتاب زوجات الأنبياء، وأصابت صفية- رضي الله عنها - نار الغيرة، ووقعت المشاحنات بينها وبين جاراتها، فمرة لها ومرة عليها، لكن هذا لم يخرج عن حدود الحق. تقول صفية رضي الله عنها-: إن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه، فبرك بصفية جملها فبكت، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه، فجعل يمسح دموعها بيده وهي تبكي، وهو ينهاها ويطيب ويجبر بخاطرها.

وعن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم» إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟ «ثم قال: اتقي الله يا حفصة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسرع في إكرام وتطييب خاطر صفية رضي الله عنها- ومن ذلك أنه خرج من معتكفه تكرمة لصفية.

تقول أم المؤمنين صفية رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قمت لأنقلب، فقام ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقال: سبحان الله يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً.

وكانت صفية تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً جماً، فقد ورد أن صفية قالت في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي، فغمزها أزواجه، فأبصرهن، فقال: مضمضن، قلن: من أي شيء؟ قال: من تغامزكن بها، والله إنها لصادقة.

وورد أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب، فقالت: إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود، فبعث عمر يسألها، فقالت: أما السبت، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود، فإن لي فيهم رحماً، فأنا أصلها ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان؟ قالت: فاذهبي فأنت حرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/284fu7v6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"