«نقمة» الذكاء الاصطناعي

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن
لعله قريباً جداً اليوم الذي سيحل فيه ما يطلق عليه «الذكاء الاصطناعي» محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل، هذا على الأقل ما يراه تقرير صادر عن بنك الاستثمار «غولدمان ساكس»، وأن تقنيات هذا الذكاء ستقوم بمهام ربع الوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يمكن استخدامه لإنجاز 46 % من المهام الإدارية و%44 من المهن القانونية،

تنسب «بي. بي. سي» التي أوردت موجزاً لهذا التقرير إلى كارل بينيديكت فراي، مدير مستقبل العمل في مدرسة أكسفورد مارتن، قوله: «الشيء الوحيد الذي أنا متأكد منه هو أنه لا توجد طريقة لمعرفة عدد الوظائف التي سيتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي»، ولأننا من أهل الصحافة يلفتنا قول الرجل إن «ما يفعله تشات جي بي تي، على سبيل المثال، هو السماح لمزيد من الأشخاص ذوي المهارات الكتابية المتوسطة بإنتاج كتابات ومقالات»، وفي النتيجة، فإنه يحذر الصحفيين من أنهم سيواجهون المزيد من المنافسة، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأجور، ما لم نشهد زيادة كبيرة جداً في الطلب على مثل هذا العمل.

بعيداً عن الصحافة، قريباً من هموم الشارع لنقف أمام قول فراي إنه مع إدخال تقنية جي بي أس ومنصات مثل أوبر، أصبحت معرفة جميع الشوارع في مدينة بحجم وأهمية لندن، مثلاً، بلا قيمة كبيرة، وبالتالي، أدى هذا إلى معاناة السائقين الحاليين من تخفيضات كبيرة في الأجور بنسبة تصل إلى 10 في المئة، وإذا استمر «الذكاء الاصطناعي» على وتائره الحالية، فإنه ستكون له «تأثيرات مماثلة على مجموعة أوسع من المهام الإبداعية».

قد يكون هذا واحداً فقط من الأسباب التي حملت مئات الخبراء العالميين، بينهم إيلون ماسك، إلى إطلاق عريضة تطالب بوقف مؤقت لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي نظراً لما تحمله من مخاطر كبيرة على البشرية، وأشار أحد الموقعين على تلك العريضة، رئيس شركة «أوبن إيه آي» سام إلتمان إلى أن «الأشهر القليلة الماضية، شهدت سباقاً غير منضبط لمختبرات الذكاء الاصطناعي بهدف تطوير أدمغة رقمية ذات قوة كبيرة، يعجز أحد حتى مبتكريها عن فهمها أو التحكم فيها بصورة مؤكدة»، وقد تفصح هذه العريضة عن صراع تجاري قائم، لكنها تنطوي، أيضاً، على نذر من مخاطر تفوّق هذا الذكاء على البشر، مع أنهم صنّاعه، الذين سيجدون أنفسهم عاجزين عن السيطرة على مخرجاته، ليكونوا كمن أخرج، دون أن يريد، عفريتاً من قمقمه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xhfrv4f

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"