لحظة التحول

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

بعد تجاوزها العام بقليل، لا خلاف على أن الأزمة الروسية الأوكرانية تحمل في تطوراتها منذ بدأت وتدفقات أخبارها وتفاصيل سجالاتها السياسية والعسكرية ملامح عالم جديد يتشكل.

هذا العالم المنتظر سيعاد فيه ترتيب القوى والتحالفات ومراكز الهيمنة التي يُجمع العالمون على أنها لن تكون فردية، إنما ستنبني على أشكال جديدة للتعاون بين الأقطاب الكبرى تأسيساً على عوامل عدة في مقدمتها مآلات المواجهة بين المعسكرين الروسي والأمريكي المتخفية في الحرب الدائرة على الأرض بين روسيا وأوكرانيا.

وهذه المآلات ليست واضحة المعالم حتى الآن، فكل طرف قابض على ثقته بالنصر، وفي أن خطوة ما توشك أن تحسم الأمور في أي وقت، وهو ما لم يحدث، رغم تعدد ما اعتبر لحظات تحول أو منعطفات في مسار الأزمة.

لحظة التحول، من وجهة نظر روسية، منتظرة هذا العام وخلاصتها نصر روسي كامل وفقدان نظام كييف التام السيطرة على الأمور في بلاده.

وليس من مؤشرات جلية على أن هذا السيناريو، وقد بدأت الحرب من أجل أن تنتهي إليه، قريب التحقق. ولم يقل فلاديمير قسطنطينوف، رئيس برلمان القرم، المبشّر بلحظة التحول المرتقبة شيئاً ذا بال يمكن أن يدعم توقعه، وبالتالي ربما يكون تصريحه عابراً ويضاف إلى ما سبقه من رهانات على تحولات في الأزمة لم يتحقق منها شيء.

قيل إن الحرب الروسية الأوكرانية لحظة فاصلة في التاريخ، وهو أمر راجح، لكن الوصول إلى هذه اللحظة يتعثر وتعرقله تفاصيل تتعقد يوماً بعد آخر. وربط كثيرون بين هذه الأزمة وتبدلات سياسية واقتصادية وعسكرية في أوروبا، وهو ما لم يكتمل حتى الآن.

ووصف المراقبون معركة خيرسون بالفاصلة لكنها ليست كذلك حتى الآن رغم اشتعالها منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

إذاً، من أين جاء توقع فلاديمير قسطنطينوف بأن يشهد العام الجاري لحظة التحول في الأزمة، وتوقعه خسارة النظام الأوكراني كامل السيطرة على مقدرات البلاد؟ هل لدى قسطنطينوف، وهو حليف قوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يبني عليه توقعاته للحظة التحول المرتقبة، وحدد الخريف المقبل موعداً لها، أم أن تصريحاته مجرد تبشير بنصر روسي؟ عموماً، كل العالم في انتظار لحظة تحول تنهي النزاع، سواء بانتصار روسيا الذي قال قسطنطينوف إنه أمر مفروغ منه، أو سيناريو آخر.

وما قد يعطي أهمية لتصريحات قسطنطينوف قربه من رأس النظام الروسي، فهو صاحب دور بارز في ترتيبات ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014، وقاموسه لا يخلو من وصف أوكرانيا بأراضي روسيا التاريخية، والمسؤولين في كييف بالنازيين الذين سيسقطون في النهاية.

يعول رئيس برلمان القرم على جهود الجيش الروسي، واثقاً بقدرته على حسم الأمر، وما يصله من تطمينات، كما يقول، من الخطوط الأمامية، فهل يكفي ذلك لصنع لحظة تحول، أم أن انتظارها سيطول؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4c5ej72r

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"