رغيد جطل
- كان المهلّبي الوزير مهيباً غضُوباً عبوساً في العراق، فدخل عليه شاعر وقت المساء، وأراد أن يقول: كيف أمسيت أيها الأمير؟ فخاف من الرهبة ومن هول الموقف، فقال: كيف أصبحت أيها الأمير؟
علم المهلبي أن الشاعر أخطأ وسبقت الكلمة مبتغاه، فأراد أن يحرجه فقال: هذا مساء أو صباح؟!
فأطرق الشاعر قليلاً، ثم رفع رأسه، وقال:
صَبّحتُهُ عند المساءِ فقال لي:
ماذا الصّباحُ؟ وظن ذاك مِزاحاً
فأجبته: إشراقُ وجْهِكَ غرّني
حتى تَبَيّنْتُ المساءَ صباحاً
فأعجب المهلبي بسرعة نباهته وشدة ذكائه.
- تردد رجل ثقيل على صديق له ظريف، وأطال ترداده عليه حتى سئم منه، فقال له الثقيل: من تراه أشعر الشعراء؟
فأجاب الظريف: ابن الوردي بقوله:
غِبْ و زُرْ غبًّا تزِدْ حبّا فَمَنْ
أَكثرَ التَرْدادَ أضْناهُ المللْ
فقال الثقيل: أخطأتَ، فإن (النجاريَ) أشعرُ منه بقوله:
إذا حقّقتَ مِنْ خِلٍّ ودادًا
فزُرْهُ ولا تَخف منهُ ملالاَ
وَكُنْ كالشَمسِ تطلعُ كلَّ يومٍ
ولا تكن في زيارته هلالا
فأجاب الظريف: إن الحريري أشعر منه بقوله:
ولا تزُرْ مَنْ تحبُّ في كل شهرٍ
غيرَ يومٍ ولا تزدهُ عليه
وإن لم تصدِّقْ فقد وهبتك الدار بما فيها، وخرج وهو يقول:
إذا حلَّ الثقيل بأرضِ قومٍ
فما للساكنينَ سوى الرَّحيل
[email protected]