ترامب و«أموال الصمت»

01:22 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بغض النظر عمّا سيفعله ترامب لاحقاً بعد توجيه الاتهام رسمياً له بدفع مبلع مالي لممثلة إباحية؛ بهدف شراء صمتها عشية الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فإنه سجل سابقة تاريخية، باعتباره أول رئيس أمريكي توجه له تهمة جنائية، على الرغم من سلسلة الفضائح التي رافقت العديد من الرؤساء الأمريكيين.
 ومع أن قضية الممثلة الإباحية التي تُدعى ستورمي دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، والتي حصلت على مبلغ 130 ألف دولار، ليست الوحيدة، على ما يبدو؛ إذ تزامن معها دفع 150 ألف دولار في عام 2016 أيضاً لشراء سكوت عارضة أزياء تُدعى كارين مكدوغال زعمت أنها كانت على علاقة سابقة مع ترامب وفق صحيفة «ميرور» البريطانية، فقد بات الرئيس الأمريكي السابق في وضع لا يحسد عليه، خصوصاً إزاء تأثير ذلك على حظوظه في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ إذ إن توجيه تهمة جنائية لترامب، أدى إلى كسر حاجز الخوف من الادعاء جنائياً على رؤساء أمريكيين؛ حيث تعرض الكثير من هؤلاء لفضائح سياسية وأخلاقية، لكن لم توجه لأي منهم تهمة جنائية. 
 وبعيداً عن تفاصيل الإجراءات التي سترافق ترامب خلال مثوله أمام المدعي العام الأمريكي، والتوافق على عدم وضع قيود في يديه أثناء تلاوة الاتهام، مراعاة لكونه رئيساً سابقاً، إلا أن الإجراءات داخل قاعة المحكمة هي نفسها مع أي متهم آخر؛ حيث سيأخذ الموظفون بصماته، وصور توقيفه، وقراءة حقوقه العامة، والتهم الموجهة إليه بشكل علني، وتحديد خروجه بكفالة مالية بانتظار موعد المحاكمة وغير ذلك.
 يدرك ترامب أنه لن يزج به في السجن، مع أن عقوبة هذه التهمة تراوح بين الغرامة المالية والسجن لمدة أربع سنوات، لاعتبارات تتعلق بكونه رئيساً سابقاً، ولعدم تأجيج أنصاره والحزب الجمهوري عموماً، الذي رأى الخطوة «كارثية وتشوه صورة الحزب»، وتتشابه مع ما يجري في بعض دول العالم الثالث؛ حيث يتم الانقلاب على الرؤساء، وتلفق لهم التهم، لزجهم في السجون. أما ترامب فقد لجأ إلى المزيد من التصعيد والتحريض، وتكثيف هجماته على معارضيه وعلى القضاء الأمريكي، والتنديد ب«ملاحقة سياسية» وتدخل في الانتخابات على أعلى مستوى في التاريخ، متوعداً بأن «هذه الملاحقة سوف ترتدّ عكسيّاً على جو بايدن». 
 لكن مشكلة ترامب تكمن في أنه في حال إدانته بالتهمة، فإن الكثير من أعضاء حزبه وقيادييه ومؤيديه سيتخلون عن دعمه. كما أن كسر حاجز الخوف من الادعاء على الرؤساء فتح الباب أمام المزيد من القضايا التي سيواجهها ترامب، علاوة على القضايا التي يواجهها أصلاً، من التحريض على التمرد في الكابيتول، والضغط على مسؤولي الانتخابات، لتغيير نتيجتها، إلى عرقلة التحقيقات في الوثائق السرية بمقر إقامته في مارلاغوا، وغيرها من التجاوزات التي ارتكبها خلال رئاسته.
 المفارقة، أن كل تلك القضايا تندرج في إطار الاتهامات السياسية، لكنها لم تجلب الحرج والفضائح كما هي حال قضية الممثلة الإباحية التي قد يدفع ثمنها ترامب بخسارة الانتخابات، وكذلك الحزب الجمهوري في نهاية المطاف.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3t68dmv9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"