عادي

رمضان.. وصلة الرحم

00:38 صباحا
قراءة 3 دقائق
عمر طفل صغير يعيش وسط أسرته، يلعب ويلهو ويمرح، يساعد أبويه في المنزل، وفي أعمال الزراعة في حقل أبيه، يروي معه وقت الري، ويحصد المحصول بعد نضجه.
يعشق لعب الكرة مع أصحابه في قريته الصغيرة، ويصلي الفروض في أوقاتها بالمسجد مع أبيه، فقد اعتاد ذلك منذ الصغر، يحرص دائماً على التعلم، لأنه فهم معنى أن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
شعر عمر بالسعادة البالغة عندما أخبره والده أن هلال شهر رمضان ثبتت رؤيته، وأن غداً هو أول أيام الشهر الكريم، فهو ينتظر ذلك اليوم كل عام بفارغ الصبر.
استيقظ «عمر» صباح هذا اليوم وذهب مع والده إلى المسجد ليصليا الفجر، ولم يخلد إلى النوم هذه المرة، بل ظل مستيقظاً يفكر في «علي» صديقه الصغير وابن خالته الذي لم يقابله منذ فترة كبيرة، لأنه لا يذهب لزيارة خالته وبالتالي لا يراه، تذكر كيف كانا يلعبان ويمرحان معاً، ثم توقف قليلاً ليفكر في الكلام الذي قاله له إمام المسجد في درس ديني كان قد حضره من قبل عن صلة الرحم وأهميتها، وأنه يجب أن يصل المرء المسلم رحمه، لأن الله تعالى يحب ذلك ويحب من يصل رحمه. فاتصل «عمر» بـ «علي»، هاتفياً، ودعاه إلى الحضور إليه وقضاء بعض الوقت ليلعبا ويمرحا ويتناولا الإفطار.
حان موعد صلاة العصر فذهبا إلى المسجد، وبعد الصلاة ألقى إمام المسجد درساً كان عنوانه «صلة الرحم من العبادات المهمة في حياة الإنسان المسلم». وبعد انتهاء الدرس سأل الإمام أحد الأطفال عن اسمه فأجاب أن اسمه «فكري»، وطلب منه أن يحدثه عن صلة الأرحام في أسرته، فقال «فكري» إنه منذ صغره تعود الذهاب مع أبيه لزيارة أجداده وجداته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته في المناسبات وغير المناسبات، وذات مرة سأل أباه عن سبب هذه الزيارات المتكررة فأخبره بأن المؤمن لا بد له أن يصل رحمه، أي أقاربه جميعهم.
ابتسم الإمام وطلب من «فكري» الحضور إليه، فربت على كتفه وتلا قول الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سورة محمد: الآيتان 22و23]، ثم قال: نتعلم من هاتين الآيتين أن من يقطع رحمه يرتكب ذنباً عظيماً، فهو يفسد في الأرض، فيستحق أن يعذبه الله عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة.
ثم ذكر لهم الإمام حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسـلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
ثم قال: وصلة الرحم أيضاً تُدخل صاحبها الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلـم: «ثلاث من كن فيه حاسبه الله يسيراً وأدخله الجنة برحمته، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة».
ومنذ ذلك اليوم، حرص «عمر» و«علي» على تكرار الزيارات للأقارب، والدوام على صلة الرحم حتى يرضى الله عنهما ورسوله صلى الله عليه وسلـم، خصوصاً في هذا الشهر الكريم.
وأنت يا بني.. هل ستصل رحمك في هذه الأيام الكريمة وتزور أقاربك؟
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/s64etxrs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"