أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
تحت إشراف وزارة شؤون الرئاسة، وبالتعاون مع مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، نظمت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أمس الاثنين، فعالية «يوم زايد للعمل الإنساني» الذي يوافق يوم ال 19 من رمضان من كل عام.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في كلمته الرئيسية، أن هذا اللقاء السنوي الذي أصبح سُنة حميدة لتذكر خصال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، لتكون قدوة طيبة للأجيال القادمة، وذكراً حسناً على مر الزمان يرمي إلى التنويه بإرث الشيخ زايد ومآثره الحسنة، خاصة فيما يتعلق بفعل الخير والعمل الإنساني، وبالتنويه والإشادة يتحقق بناء القدوة ونموذج التأسي للأجيال الحاضرة والقادمة، وترسيخ قيم هذا القائد الفذّ في العقل الجمعي والمحافظة على هذا النموذج النفيس والموروث القيم.
وأضاف: «إذا كانت خصال الشيخ زايد جميعها حَرِيّة بالذكر وجديرة بالتناول والسرد، فإننا نركز في هذه الليلة على جانب يناسب المقام، ألا وهو اعتناؤه، طيب الله ثراه، بمشاريع النفع العام والاستدامة، فلقد كان الشيخ زايد حريصاً على استمرار النفع ودوام الاستفادة، فيما يرومه، ومن ذلك عنايته المشهودة بزراعة الأرض بأنواع المحاصيل المثمرة وخاصة النخيل وحفر الآبار لسقيا الناس والبهائم والزرع، وفي هذا الصنيع من أوجه البر الشيء الكثير».
وتابع: «ومن عنايته، طيب الله ثراه، باستمرار النفع، عمله على بناء الأوقاف المتعددة في مختلف المجالات والأغراض، مثل وقف الشيخ زايد بالخالدية بمدينة أبوظبي، وتأسيس مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، وصندوق أبوظبي للتنمية، وهذه كلها أعمال حسنة ومآثر حميدة ومشاريع، وآثارها شاهدة بالفضل والنبل وعلو الهمة، ومن جوانب الاستدامة الفريدة ومظاهرها المنيفة السديدة، استدامة القيم والخصال الحميدة ومن ذلك سمة وقيمة التعايش الآمن السعيد، وتلك سمة بارزة وقيم راسخة جعلت الأعراق والديانات تتعايش في دولتنا في وضع طبيعي لا منّ فيه ولا أذى».
فيما قال محمد حاجي الخوري مدير عام مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، إنه مع قيام دولة الإمارات، اتسع نطاق العمل الخيري للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان، ليشمل جميع أنحاء العالم، وبلغت قيمة المساعدات التنموية والإنسانية التي أمر بتوجيهها أكثر من 90 مليار درهم.
وأوضح أن إنجازات مؤسس الدولة «طيب الله ثراه» في الجانب المحلي متعددة، منها توفير الأراضي السكنية المجانية لأبناء المواطنين، ما ساهم في توفير الحياة الكريمة لهم، فضلاً عن منح الأراضي التجارية المجانية لتكون مصدر دخل لهم، وقام بتوفير العلاج والتعليم مجاناً داخل الدولة، ومنح المزارع مجاناً لتكون، حتى تبوّأت دولة الإمارات المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور على مستوى العالم، على الرغم من أن أرض الدولة غير زراعية.
وأضاف أنه في الشأن العالمي، ساعد مؤسس الدولة العديد من الأفراد على مستوى العالم، دون النظر إلى العرق أو اللون، وساهم مساهمة ملحوظة في استقرار البشرية، عبر بناء العديد من المدن، ووفّر العلاج والمستشفيات للعديد من الدول، وفي الجانب التعليمي العالمي قام ببناء المدارس والمراكز التعليمية، ودائماً ما كان سبّاقاً في تقديم العون والمساعدة حتى في أوقات الأزمات والكوارث المتمثلة في الزلازل والفيضانات، وتوفير كافة الاحتياجات سواء من حيث النقل الجوي أو البحري.
من جانبها، قالت الدكتورة ماجدولين، بجامعة محمد الخامس بالرباط: «إننا كلما ذُكر اسم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، عادت بنا ذاكرة الماضي إلى مشاهد الزيارات المتكررة التي كان يقوم بها إلى المملكة المغربية في عهد الراحل المغفور له الملك الحسن الثاني، وتلك المواكب الحافلة التي كان المغاربة يستقبلونها بالفرح والهتافات، واليوم، كلما مررنا بمستشفى الشيخ زايد بالعاصمة الرباط، أدركنا معاني وعِبراً علمتنا إياها مسيرة بناء كان فيها الإنسان محوراً وهدفاً، إنه نموذج الشيخ زايد في عيون فئات من المغاربة ممن مكنتهم الحياة من التدرج في المعرفة، ليفهموا أن بناء الأوطان يبدأ من الإنسان، إذ هي مسيرة بناء وتشييد وتحديث وتطوير وخدمات، تكتب بمداد الفخر تاريخاً فريداً من الحكمة والحنكة وبُعد النظر».
وقال الدكتور فايز مصطفى سيف عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في لبنان: «لقد عرف صاحب هذه الشخصية باسم زايد الخير والعطاء، ومضى على رحيله قرابة عقدين من الزمن ولا تزال جسور الخير تمتد من بلده إلى كل محتاج في العالم، تحمل معها قيم التسامح والتكامل بين الإنسان وأخيه الإنسان».
وأشار إلى أن يد العطاء والخير والإنسانية لم تتوقف لا عن بلدي لبنان، ولا عن أية بقعة من الأرض ينادي بها الواجب الإنساني، لا في حياة الشيخ زايد ولا بعد رحيله، فها هم حملة الراية من بعده قد حفظوا الأمانة ورعوها حق رعايتها، وإذا بهم يجوبون الآفاق ويعرجون مع سلطانهم في الفضاء، ينشرون المحبة ويفشون السلام ويقودون مسيرة التسامح، ويحافظون على القيم، ويسعون لحماية الإنسانية وتطورها ودوام أمنها وأمانها حتى وصلوا إلى الريادة العالمية.
من جانبه، قال الدكتور عرفات محمد عثمان أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، إن قليل هم أولئك الأشخاص الذين لا تنتهي حياتهم بوفاتهم، ومن هؤلاء، بل على رأسهم، يأتي المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، فقد جعل الله له لسان الثناء الصادق في ربوع الأرض وأقطارها، وهذا من عاجل البشرى في الدنيا، وما ذاك إلا لأن المغفور له كان رمزاً وعنواناً للسلام والمحبة والتلاحم والمودة والتنمية والبناء في بلده وفي محيطه العربي والإسلامي وفي أماكن كثيرة؛ فالسلام في مفهومه هو سلام الرحمة والعدل والبناء والتعمير.