هل الوثائق المسربة صحيحة؟

دول مختلفة وردت أسماؤها في الوثائق الأمريكية المصنفة ب «السرية» و«السرية جداً» المسربة نفت صحة ماورد عنها من معلومات متصلة بها في هذه الوثائق، حتى أن روسيا التي تعدّ المستفيد الأول من هذا التسريب قالت على لسان مسؤولين فيها إن التسريب متعمد من قبل واشنطن، لأنه يتضمن معلومات غير دقيقة عن حجم الخسائر في طرفي الحرب في أوكرانيا، كما أشارت إلى أن من غايات هذا التسريب تضليل موسكو حول طبيعة الخطط الأمريكية – الأطلسية القادمة في أوكرانيا.
الملاحظ أن واشنطن نفسها لم تنف صحة ما ورد في هذه الوثائق، إذا ما استثنينا إشارة تكررت أكثر من مرة على لسان مسؤولين أمريكيين إلى أن محتوى هذه الوثائق تعرض للتحوير، خاصة لجهة التقليل من حجم خسائر روسيا في حرب أوكرانيا، وعدا ذلك لم ترد أية إشارات على عدم صحة مضمون الوثائق، ولا عن حقيقة أنها مأخوذة من مصادر أمريكية عالية المستوى فعلاً، رغم ما قيل عن أن هذا المضمون سيؤثر سلباً في علاقة واشنطن بحلفاء كثر لها في دول مختلفة.
فيما وصف بأول تصريح لمسؤول أمريكي رفيع المستوى حول الموضوع، قال وزير الدفاع لويد أوستن، إن بلاده ستواصل التحقيق في تسريب تلك الوثائق السرية حتى تعرف مصدره، وبتعبيره الذي ورد في مؤتمر صحفي بوزارة الخارجية: «سنواصل التحقيق، ونقلب كل حجر، حتى نعرف مصدر هذا التسريب ومداه»، مشيراً إلى أن وزارة الدفاع تعلم أنه جرى نشر الوثائق بتاريخ 28 فبرايرشباط والأول من مارس/آذار، لكنها لا تدري إن كانت هناك وثائق نشرت على الإنترنت قبل ذلك التاريخ. وأضاف: «علينا أيضاً أن نتعلم الدرس من ذلك بخصوص طريقة تشديد إجراءاتنا».
في البداية لجأت واشنطن إلى الحجة الجاهزة في حال مثل هذه في توجيه الاتهام لجهات خارجية، وفي مقدمتها روسيا بطبيعة الحال، بغية إلحاق الضرر بالأمن القومي الأمريكي وبعلاقة واشنطن بحلفائها، لكن سرعان ما قيل إن بعض خبراء الأمن القومي ومسؤولين أمريكيين يشتبهون في احتمال أن يكون مصدر التسريب أمريكياً، نظراً لاتساع نطاق الموضوعات التي تتضمنها الوثائق، فيما يعمل المحققون لتحديد الشخص أو الجماعة التي لديها القدرة والدافع لنشر تقارير المخابرات، في تسريب يعدّ الأكثر ضرراً لمعلومات حكومية أمريكية منذ نشر آلاف الوثائق على موقع «ويكيليكس» في 2013.
على واشنطن يصح اليوم القول: «المصائب لا تأتي فرادى».
[email protected]