عادي

الفيسبوك من وجهة نظر فلسفية

01:42 صباحا
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

جاء الفيسبوك ليضع قدماً ثقيلة في حياتنا اليومية، وما يزيد من ثقلها وتأثيرها ليس هذه المشكلات وغيرها مما يمكن أن تقرأه في كتاب «الفيسبوك والفلسفة.. بم تفكّر؟» ل«دي إي وتركوور»، ترجمة وتقديم ربيع وهبة، بل ما قدمه أيضاً إلى جانب المشكلات والخراب من فرص مذهلة في الارتباط وتكوين العلاقات، وقنص وظائف وتحقيق شهرة، وغيرها من الإنجازات التي ربما لم يحرم منها مستخدم واحد، ولو على سبيل الاستمتاع لكسر حالة الوحدة والملل، إنه كل شيء ونقيضه.

في هذا الكتاب الذي أصدره مركز المحروسة للنشر والمعلومات، محاولات رصينة وعلمية للرد على أسئلة مثل: ما الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي تحكم هذا الكيان العنكبوتي؟ مثل هذه الأسئلة وأكثر أثيرت في مجتمعات وثقافات مختلفة على خلفية أحداث عادية في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى ليست كذلك، خاصة في بداية انتشار الفيسبوك، فمثلما أثر الفيسبوك في العلاقات ومسارات الحياة على مستوى الأسرة والعمل والشخصية، كذلك كان خير معين في حشد الجهود والأعداد الغفيرة من أجل تحقيق تغيير اجتماعي.

في هذا الكتاب نجد تفصيلاً لهذه الملابسات مع جهد فلسفي وعلمي لتشرح ما يحدث، كيف تسنى لمواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيسبوك أن تكون وسيلة بكل هذا التأثير؟ سنرى عبر الجهود المبذولة في أكثر من خمس وعشرين مقالة كيف زحف الفيسبوك إلى منظومة القيم في مجتمعات وثقافات مختلفة، وطعن الخصوصية في أعز ما تملك، من عواطف وأسرار واحترام الآخر.

يحتل الفيسبوك موقعاً فريداً بين الوسائط الإعلامية الحديثة، تلك الوسائط التي يدفع عالِم الإعلام ماكلوهان في حجته بأنها «امتدادات للجسد أو العقل» أي أنها تؤثر في الطرق التي يدرك بها الناس ويفهمون ويرتبطون بالعالم، فالوسيط هو أكثر من مجرد نظام إرسال مثل شريط الكاسيت أو المطوية، والوسائط الإعلامية متنوعة تنوع الطرق ومصابيح الإضاءة والإعلانات، فضلاً عن الأمثلة الأكثر ألفة من قبيل الفونوغراف والسينما والإذاعة والتلفزيون.

أحياناً تدخل إلى الفيسبوك فتجده أشبه بسرادق عزاء، أو بشكل أوسع دار مناسبات، هنا تهنئة بفرح، وهناك تعاز في فقيد، أصبح الفيسبوك وسيلة ناجحة لتذكير الناس بالواجبات وتحقيق التضامن الإنساني في السراء والضراء، الفيسبوك ليس منصة ثابتة تلزمك بأداء دور معين، فكل «بروفايل» له عالمه الخاص.

على الصعيد الاقتصادي، نجد في هذا الكتاب أيضاً تحليلاً عميقاً وعلمياً للأبعاد الاقتصادية للفيسبوك، فنحن لا نمثل مجرد مجموعة أصدقاء يستمتع بعضهم بصحبة بعضهم الآخر، لا علم لهم بوجود طرف ثالث يجني المال من الهواء المشترك بينهم، بل الواقع أن الاقتصاد قد أصبح إلى حد بعيد معتمداً على وقود الحياة المجانية لملايين من مستخدمي الإنترنت الذي يدير عجلة وول ستريت.

هذا كتاب شامل شمولية الفيسبوك يغطي جميع أنواع الموضوعات الرئيسية والمهمة بتناول فلسفي تحليلي، ويستعين في ذلك بأهم الفلاسفة والكتاب من ماركس إلى فوكو إلى جرامشي، إلى روزا لكسمبرج إلى سلافوي جيجك، وبالطبع لاكان، ومن لم يرد ذكره واستنباط رأيه ضمن هذا الكتاب فهو حاضر في تحاور جدلي مع أفكاره وتصور رده، وكيف كان سيتعامل مع الفيسبوك، بداية من سقراط وأرسطو حتى هيجل وفرويد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yuk2k3x4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"