عادي
إشكالية كل عام.. وأولياء الأمور مازالوا حائرين

المدارس المتميزة «كاملة العدد» والضعيفة تستنفر لجذب الطلبة

02:05 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

تعد عمليات الرقابة ونتائجها، النافذة التي يطل منها أولياء الأمور ومجتمع التعليم على واقع الجودة في المدارس الخاصة، وما حققته من تحسينات تخدم العملية التعليمية وترتقي بمستوى المخرجات، وتعد الفترة التي تعقب إعلان نتائج الرقابة أبرز المشاهد في الميدان التربوي سنوياً، إذ يلتف حولها أولياء الأمور لاختيار مدارس أبنائهم للعام الدراسي الجديد، وتشتد فيها حركة تسجيل الطلبة الجدد، وتنشط معها عملية التنقلات الطلابية بين المدارس بحسب ما أفرزته تقييمات الرقابة.

تؤكد وقائع المشهد أن هناك تبايناً في الإقبال الطلابي على المدارس، حيث أصبحت «المتميزة والجيدة جداً والجيدة»، «كاملة العدد»، مقارنة بالمدارس «الضعيفة والمقبولة»، إذ إن الأولى تواجه ضغطاً كبيراً بسبب الإقبال الشديد لأولياء الأمور الذين حرصوا على أن يظفروا بمقعد دراسي لأبنائهم في مدارس ذات مستوى تعليمي راقٍ، ما دفعها إلى الاستناد لقوائم الانتظار، وإعداد اختبارات قبول صعبة، لتخفيف هذا الضغط.

أما الثانية فتعيش حالة استنفار قصوى، لجذب أكبر عدد من الطلبة للتسجيل، إذ تركز جهودها على ابتكار امتيازات لمغازلة أولياء الأمور، لاسيما التي تحاكي الرسوم الدراسية، فضلًا عن تقديم التسهيلات، أملاً في عدم رحيل طلابها والمحافظة عليهم لعام دراسي جديد، بجانب الإعلان عن خطط تطويرية تنهض بمستواها ومخرجاتها في التقييمات المقبلة.

وهنا تطفو على السطح إشكالية حقيقية يعانيها أولياء الأمور سنوياً، إذ إن تطلعات معظمهم تذهب في اتجاه واحد، يصعب عليهم فرصة الحصول على مقاعد لأبنائهم في المدارس ذات المستوى الجيد، ليعودوا مرة أخرى للسقوط في بئر امتيازات ومغريات المدارس الضعيفة، والسؤال الذي يفرض نفسه حالياً هو، متى ستكون جميع مدارسنا ذات جودة عالية وتقييمات مرضية، تنتهي معها معاناة أولياء الأمور السنوية؟

وأوجد عدد من التربويين 4 معالجات لتلك الإشكالية، تكمن الأولى في الخطط العلاجية الهادفة للمدارس الضعيفة، والثانية في المتابعة المستمرة لها على مدار العام، والثالثة تركز على ضرورة التعاطي مع توصيات فرق الرقابة، بجدية وفاعلية، أما الرابعة فهي المزيد من البرامج التفاعلية بين المدارس لتبادل الخبرات ومسارات التطوير.

وحول هذه الإشكالية دار نقاش «الخليج» مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، سعياً لإيجاد حلول ناجعة للمدارس متدنية المستوى للارتقاء بمستواها، وكيف تتعامل «المتميزة» مع ضغوط الإقبال الطلابي الشديد عليها سنوياً، وجهود الجهات المعنية في معالجة تلك الإشكالية التي تتكرر معنا كل عام دراسي.

نقرأ المشهد

البداية كانت مع قراءة «الخليج» للمشهد، إذ إن هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي أعلنت منذ أيام عن نتائج الرقابة للعام الجاري، التي أخضعت 199 مدرسة خاصة، وجاءت منها 20 مدرسة في فئة متميز، و39 جيد جداً، و84 جيد، و55 مقبول ومدرسة واحدة في فئة ضعيف، وحققت 25 مدرسة تحسناً في الأداء مقارنة بآخر دورة رقابية كاملة، واستفاد أكثر من 39 ألفاً و795 طالباً وطالبة من تحسن أداء هذه المدارس.

وبحسب تلك النتائج، فهناك 143 مدرسة، وجدت لنفسها فرصة زيادة رسومها الدراسية العام الدراسي المقبل، بحسب إطار زيادة الرسوم، وكذا تشهد تلك المدارس الآن إقبالاً شديداً من أولياء الأمور الذين يتطلعون للحصول على مقاعد دراسية لأبنائهم، وفي المقابل، تشهد 56 مدرسة تراجعاً في عملية التسجيل وإقبال الطلبة، مع تباين في وجهات نظر أولياء أمور في استمرار أبنائهم للدراسة فيها من عدمه العام الدراسي المقبل.

من جانبها أخضعت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، ما يقرب من 110 مدارس للتقييم على مرحلتين، استهدفت الأولى 36 مدرسة والثانية 74 مدرسة، حيث سجلت عمليات التقييم نجاحاً لافتاً، عبر نتائج مبشرة وواعدة والتغذية الراجعة الإيجابية التي تسهم في الوصول بالمنظومة التعليمية إلى مستويات قياسية من التطور وتطبيق أفضل الممارسات التعليمية محلياً وعالمياً.

في وقت لم تعلن وزارة التربية والتعليم بعد، عن نتائج التقييمات للمدارس الخاصة التي تتبعها في كل من عجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة.

تعليم متميز

يعد تسجيل الأبناء في مدارس ذات تعليم متميز، أمراً مهماً لكل أسرة، لاسيما مع وجود المتغيرات والتطورات المتوالية في مختلف المجالات، هذا ما أكده أولياء الأمور: إيهاب زيادة وهاني مداح ولبنى عارف و(عيسى.أ)، و(سهام.م)، موضحين أن المدارس الضعيفة ليس لديها القدرة على تأهيل أبنائنا ورفدهم بمهارات المستقبل التي تساعدهم في المرحلة الجامعية، لاسيما أن تطوير التخصصات والمساقات في الجامعات باتت ركيزة أساسية للتميز، لتفي بمتطلبات سوق العمل المستقبلي ومتغيراته.

وقالوا إن الإشكالية الحقيقية تكمن في إيجاد مقاعد لأبنائنا في المدارس المتميزة، وذلك لاكتمال الأعداد وندرة الأماكن بسبب الإقبال الكبير عليها، موضحين أن قوائم الانتظار التي ابتكرتها تلك المدارس، تعد الأمل «الضعيف» لتسجيل الأبناء، حيث تظل الصعوبة قائمة بلا وسائل علاج، فضلاً عن اختبارات القبول التي تعمدت بعض تلك المدارس في إعدادها بأسئلة تفوق مستوى الطالب، الأمر الذي يعوق التحاقهم في المدارس ذات التعليم الجيد.

وأكدوا أن المدارس الضعيفة والمقبولة، لم تعد قادرة على تخريج أجيال تواكب متغيرات المستقبل، لكن أمام عدم وجود أماكن في المدارس المتميزة نضطر إلى الرضوخ لامتيازات ومغريات المدارس الضعيفة، لمواصلة تعليم أبنائنا، في محاولة جديدة للارتقاء بمهاراتهم التي تمكنهم من اجتياز مرحلة التعليم قبل الجامعي.

التحدي الأكبر

في وقفة مع عدد من مديري المدارس ذات التعليم «المميز والجيد جداً والجيد»، أكد كل من وليد فؤاد لافي وسلمى عيد وأسماء دحبور، أن التحدي الأكبر الذي يواجه المدارس ذات التقييمات المتميزة حالياً، يكمن في البحث عن سبل لتوفير مقاعد للطلبة الجدد، لاسيما عقب إعلان نتائج التقييمات للعام الدراسي الجاري، فضلاً عن الإقبال الشديد من الطلبة المواطنين الذين لا يجوز تسجيلهم في المدارس ذات التقييم الضعيف أو المقبول، بحسب اللوائح في هذا الشأن.

وأفادوا بأن قوائم الانتظار تكتظ سنوياً في هذا التوقيت بفئات متعددة من الطلبة، للتسجيل للعام الدراسي الجديد، موضحين أن إجراء اختبارات القبول حق مكفول للمدارس للتأكد من جودة المستوى العلمي لطلابها الجدد، معتبرين أن ذلك حق إدارات المدارس المتميزة في اختيار طلابها بالطريقة التي تحافظ على مستوى تقدمها التعليمي، ويتوافق مع جودة مخرجاتها.

خطط ومعالجات

في المقابل أكد عدد من مديري المدارس ذات المستوى «الضعيف والمقبول» وهم: (ح.ن) و(أ.ج) و(س.أ) و(ع.م)، أن أكبر التحديات التي تواجهها هذه المدارس عقب الإعلان عن نتائج التقييمات السنوية، تكمن في البحث عن طرق للمحافظة على بقاء الطلبة في مقاعدهم العام الدراسي المقبل، فضلاً عن وضع خطط علاجية عاجلة للارتقاء بالمستوى التقييمي للمدرسة، بما يكسب ثقة أولياء الأمور والطلبة.

وأفادوا بأن إداراتهم تضطر لتقديم امتيازات وتسهيلات ومغريات، لجذب أولياء الأمور، فضلًا عن حرصها على تكثيف اللقاءات مع الوالدين لاستعراض الخطط والمسارات الجديدة التي وضعت للارتقاء بمستوى تقييم المدرسة في العام المقبل، ومشاركتهم الحقيقية لوضع تصورات تنهض بأداء المدرسة، ما ينعكس إيجابياً على مستويات أبنائهم العلمية، مؤكدين أن كان تقييم مدارسهم ضعيف أو مقبول، فهذا لا يعني بالضرورة ضعف مستوى مخرجاتهم، بل هناك مخرجات تفوق مخرجات المدارس المتميزة في المستوى العلمي.

وسائل مؤثرة

أكدت الخبيرة التربوية أمنة المازمي، أن إشكالية التزاحم وعدم توفر أماكن تستوعب الجميع لا يمكن حلها إلا بوسائل فاعلة ومسارات ممنهجة، وذلك للارتقاء بالمستوى التعليمي في المدارس ذات التقييم المتواضع، إذ إن هذا يوقف ضغط التوافد على المدارس المتميزة كل عام، فضلاً عن أنه يوفر فرصاً متنوعة للاختيار أمام أولياء الأمور، لاسيما الذين يبحثون عن تعليم جيد لأبنائهم.

وأوضحت أن حرمان المدرسة من حق زيادة الرسوم، لا يعد وسيلة مؤثرة تدعو جميع المدارس إلى الارتقاء بمستوياتها، فهناك من لا تتجاوز طموحاته تلك التقييمات وهذه الرسوم.

وفي حديثها عن الأساليب المقترحة للارتقاء بالمدارس ضعيفة المستوى، أكدت أهمية إيجاد طرق علاجية مرنة وفاعلة، تسهم في الارتقاء بمستوياتها، فضلاً عن دمج تلك المدارس مع «المتميزة»، من خلال أنشطة متنوعة ومسابقات لتبادل الخبرات، تشارك فيها الإدارات المدرسية والمعلمين والطلبة، ما يعزز روح المنافسة والاستفادة بالخبرات التربوية في الميدان.

وأوضحت أن الاستناد إلى توصيات فرق الرقابة أمر حتمي للمدارس متواضعة المستوى، إذ تعد تلك التوصيات خارطة طريق للمرحلة المقبلة، وتستطيع الإدارات الاستفادة منها للارتقاء بمستواها، مع الوضع في الاعتبار أهمية المتابعة المستدامة من الجهات المعنية على مدار العام وفي مختلف المراحل، ما يسهم في تحقيق مبدأ الجدية في التعاطي مع التوصيات وخطط وآليات التحسين.
مؤشر حقيقي

لم تكن نتائج الرقابة وتقييمات المدارس الخاصة، المحرك الذي يحكم اختيارات ورغبات أولياء الأمور في تحديد مدارس أبنائهم فحسب، بل تعد مؤشراً حقيقياً على أحقية المدارس في طلب زيادة الرسوم الدراسية أو لا، لذا تتنافس المدارس سنوياً، لتحقيق أعلى التقييمات، لتظفر بالزيادة المرتقبة لرسومها التعليمية.

19763 زيارة صفية

أفادت هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، بأن فرق الرقابة نفذت على المدارس الخاصة بدبي في دورتها الحالية، 19763 زيارة صفية بإجمالي 10805 ساعة عمل، فضلًا عن 3918 ساعة من الحوار والنقاش مع الطلبة وأولياء الأمور والقيادات المدرسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kr7m8w5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"