عادي
بروفايل

كامالا هاريس.. معركة «كسب القلوب»

00:31 صباحا
قراءة 4 دقائق
1
كمالا هاريس

د. أيمن سمير

تتمتع بقوة ومرونة الفولاذ، اعتادت تحطيم الحواجز، لا تعرف كلمة اسمها المستحيل، ترى في نفسها أنها ليبرالية ديمقراطية، بينما يراها معارضوها أنها شديدة «اليسارية»، ساهمت بقدر كبير في جذب السود والملونين لدعم الديمقراطيين، سواء في الانتخابات الرئاسية 2020 أو في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر الماضي، هي أول امرأة، وأول أمريكية سمراء البشرة، وأول أمريكية من أصل آسيوي، تشغل ثاني أعلى المناصب في الدولة الأكبر اقتصادياً وعسكرياً في العالم.

إنها نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس التي تتعرض هذه الأيام «لامتحان فاصل»، فبالإضافة إلى استطلاعات الرأي التي لا تصب في صالحها منذ نوفمبر 2021، حيث حصلت فقط على 28% من رضا الأمريكيين، أصبحت هاريس هذه الأيام مادة للتدقيق الإعلامي، بل أصبحت موضوعاً دائماً للتندر والنكات والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات التلفزيون المختلفة، لكن ربما ما لم تتوقعه كامالا هاريس أن أقرب أصدقائها الديمقراطيين من أمثال وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة للرئاسة في انتخابات 2016 هيلاري كلينتون أن تقول للمقربين منها إن «كامالا هاريس لن تجتاز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لو قرر الرئيس جو بايدن عدم خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، لأنها تفتقر إلى المقومات السياسية الأساسية»، وفق ما قالت «فوكس بيزنس».

وتزداد أوضاع كامالا هاريس صعوبة، ليس لدى الجمهوريين والمستقلين فقط، بل داخل بيتها في الحزب الديمقراطي، وفي عمق «الجناح التقدمي الليبرالي» في الحزب الذي فازت عنه في انتخابات 2020، حيث يرفض الكثيرون أن تكون كامالا هاريس «واجهة الحزب»، ويقولون عنها إنها لم تؤهل نفسها «بالقدر الكافي» لتصبح زعيمة للديمقراطيين، لو قرر الرئيس جو بايدن عدم المنافسة على الانتخابات الرئاسية القادمة، وقلق الديمقراطيين حيال كامالا هاريس نابع من عدم قدرتها على تحديد «هوية سياسية» لنفسها تفوق نجاحها كأول امرأة أمريكية من أصل آسيوي تشغل منصب نائب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة، ويقولون بصراحة إنها تفتقر إلى «الغريزة السياسية»

وجاءت الضربة القاصمة لكامالا هاريس من صديقتها زعيمة التيار الليبرالي في الحزب الديمقراطي السيناتور عن ولاية «ماساشوستس» إليزابيث وارن، والتي قالت في حديث إذاعي «إنها لا ترتاح لإمكانية اختيار الرئيس جو بايدن لكامالا هاريس مرة أخرى في انتخابات 2024، لكنها عادت وقالت إنها تريد ترك القرار للرئيس بايدن.

4 ملفات

ورغم أن اختيار الرئيس بايدن لهاريس لمرافقته في انتخابات 2024 فاجأ الكثيرين، فإن فوز بايدن وهاريس معاً بالبيت الأبيض رفع سقف التوقعات والأمنيات بأن تكون هاريس هي «واجهة الحزب الديمقراطي» والمرشحة القادمة بعد الرئيس جو بايدن، سواء قرر الترشح لانتخابات 2024 أم لا، لكن خلال العامين الماضيين زادت حدة الرفض لأداء هاريس، وطالب البعض من الرئيس بايدن اختيار نائب أو نائبة أخرى معه لو قرر الترشح للانتخابات القادمة، وكانت الأسباب كثيرة لهذا الانتقادات، لكنها تدور حول 4 أسباب رئيسية، الأول هو ملف الهجرة غير الشرعية، ففي الشهور الأولى من رئاسة بايدن زادت معدلات الهجرة إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية الأمريكية، وكلف الرئيس بايدن نائبته هاريس بهذا الملف الشائك، ويتفق الكثير من الديمقراطيين مع الجمهوريين على أن أداء هاريس في هذا الملف كان ضعيفاً، لأنها تأخرت في الذهاب إلى الحدود الجنوبية وطمأنة سكان الولايات الحدودية مع المكسيك، الأمر الذي دفع البعض لتذكر أيام الرئيس السابق دونالد ترامب الذي بذل جهداً كبيراً لوقف الهجرة عبر الحدود المكسيكية لدرجة أنه عمل على بناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، كما أن رحلة هاريس إلى جواتيمالا والمكسيك في أمريكا اللاتينية لحثهما على منع الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة يراها البعض بأنها لم تحقق الهدف منها.

الملف الثاني كان عدم نجاح كامالا هاريس في الحصول على تشريع يسهل وصول الناخبين الأمريكيين من أصول إفريقية وملونة للتصويت في الانتخابات، وهو ملف أيضاً شائك وحشد الجمهوريين لعدم التنازل فيه، بينما جاء الملف الثالث الذي يؤخذ على هاريس على خلفية زيارتها لفرنسا في 8 نوفمبر 2021 لتقريب وجهات النظر مع فرنسا بسبب استبدال أمريكا لبريطانيا بدلاً من فرنسا في صفقة الغواصات الشهيرة، وخلال هذه الزيارة ركزت عدسات المصورين على هاريس وهي تزور محال شهيرة للتسوق في باريس، وهي قضية شغلت الصحافة والرأي العام الأمريكي لفترة كبيرة، وهي انتقادات ترتبط بالملف الرابع والذي يتعلق بملابس كامالا هاريس، ويقول معارضوها إنها تقدم نفسها ليبرالية وتقدمية وزعيمة محتملة للحزب الديمقراطي الذي يميل ناحية اليسار والفقراء، بينما هي ترتدي أغلى الماركات العالمية دون أن تراعي السود والفقراء الذين انتخبوها.

لكن السيدة التي استطاعت أن تكون أول نائبة للرئيس في تاريخ الولايات المتحدة، تملك الكثير من الدفوعات والأصدقاء الذين ما زالوا أوفياء لمسيرتها، وما تمثله للمرأة في أمريكا والعالم، ومن أبرز تلك الدفوعات أن الملفات التي تم تكليف كامالا هاريس بها مثل الهجرة غير الشرعية أو حق التصويت كانت «ملفات غاية في التعقيد»، وأن الرئيس جو بايدن تحدث بنفسة عن التعقيدات التي أحاطت بتلك الملفات والقضايا، كما أن هناك وجهة نظر تقول إن ملابس كامالا هاريس الفاخرة طبيعية جداً لسيدة في منصب نائب الرئيس، وكانت عضواً في مجلس الشيوخ لمدة 4 سنوات، ويرجع مناصروها هذه الاتهامات إلى «الغيرة السياسية» سواء من النساء أو الرجال في الحزب الديمقراطي، وأيضاً إلى «الاتهامات التي بلا أساس» من جانب الجمهوريين ضد المرأة بشكل عام وضد كامالا هاريس بشكل خاص، ويخلص الأصدقاء إلى نصيحة لكامالا هاريس بضرورة العمل وبسرعة على «كسب العقول والقلوب» لأن رئيسها والحزب دخلوا مرحلة الإعداد للحفاظ على بقائهم في البيت الأبيض وغالبيتهم البرلمانية في مجلس الشيوخ واستعادة الأغلبية في مجلس النواب.

عندما جرت المناظرة بين بايدن وهاريس في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وجهت هاريس انتقادات لاذعة لبايدن أفقدته الكثير من شعبيته بشكل مؤقت، وهي الانتقادات التي وصفتها زوجة بايدن بأنها كانت «لكمة في البطن»، لكن الرئيس بايدن تجاوزها واستعاد شعبيته وأصبح رئيساً للولايات المتحدة، فهل تنجح كامالا هايس في تجاوز «لكمات البطن» التي تصوب إليها حالياً، وتستطيع «كسب القلوب» من جديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8cz5am

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"