اتجه العديد من الشركات والعلامات التجارية إلى مفهوم الأعمال المدعومة بالبيانات بسبب ضغوط التباطؤ الاقتصادي أو تراجع معدلات النمو المتوقعة، سعياً منها إلى توفير تحليلات ورؤى ذات قيمة وعائد ملموس على الاستثمارات على المدى المتوسط والبعيد. ولجأت هذه الشركات إلى تحليل البيانات في محاولة منها للتعرف إلى توجهات العملاء خلال هذه الفترة للخروج برؤى واستراتيجيات جديدة تناسب تطلعاتهم ورغباتهم، وبالتالي تحقيق معدلات نمو مرضية على مستويات التدفقات المالية والأرباح، فضلاً عن تحقيق وفورات.
وأكد خبراء، في تحليل البيانات وأنظمة وحلول «ولاء العملاء»، أن الاحتفاظ بالعميل يأتي عبر بوابة فهم توجهاته وتطلعاته والعمل على تلبيتها بأفضل صورة ممكنة لمواصلة النمو والتطور.
يقول هيثم الخطيب، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «سبرينكلر»: تعدّ تجربة العملاء العنصر الأهم حالياً، كونها تحدد نظرة العملاء إلى الشركة أو العلامة التجارية، وتحدد حاجات العملاء وشروطهم الخاصة، مشيراً إلى أنه لم يعد يهم ما تقوله الشركة أو العلامة التجارية عن نفسها، بل ما يقوله العملاء عنها هو الأهم.
وأضاف أن معرفة العملاء وخدمتهم بطريقة جديدة تماماً وتلبية توقعاتهم الجديدة بات يتطلب استخدام قوة البيانات لتحسين معدلات الاحتفاظ بالشركات أو عملاء العلامات التجارية ما يعزز من نمو الإيرادات، فيما تشير أبحاث السوق من Invespcro أن الشركات التي تطبق أساليب تخصيص تجارب العملاء وفرت 83% من الوقت وتحقيق عائد على الاستثمار في التسويق أعلى ما بين 5 إلى 8 أمثال.
وتعدّ دولة الإمارات واحدة من أقوى الدول التي تعمل بها شركة «سبرينكلر» حيث تُضاعف الشركات استثماراتها في خدمة العملاء فعلى سبيل المثال: تستثمر شركة طيران الإمارات نحو ملياري دولار للارتقاء بتجربة العملاء.
وأظهر تقرير «انتليجنت»، الصادر عن شركة Customer Experience Live والخاصة بتجارب العملاء عام 2022، أن 74% تقريباً من المؤسسات في المنطقة ستستثمر أكثر من 200 ألف دولار وحده للارتقاء بتجربة العملاء.
- عملية صعبة
وأكد الخطيب أن على الشركات والعلامات التجارية أن تفهم أن مهمة تطوير تجارب العملاء للمحافظة عليهم عملية صعبة لعدم وجود مصدر واحد لبيانات العملاء يقدم صورة شاملة لما يؤثر في قرارتهم وتتبع السلوكيات المستجدة لدى المستهلك.
والواقع أن سلوك العملاء وتوقعاتهم تغيّرت منذ بداية الجائحة العالمية، فقد كشفت الأبحاث أن الشراء عبر الإنترنت سينمو بنسية تتراوح بين 65 إلى 150% في الإمارات لذلك، يتوقع المستهلكون مستوى متقدماً من التخصيص عند التفاعل مع العلامات التجارية.
وقال الخطيب: «من جانبنا، نساعد الشركات على جمع آراء المستهلكين عبر العديد من القنوات وتفسير الاتجاهات في سلوك المستهلك من أجل منح هذه الشركات نظرة تكميلية حول رحلة العملاء، بدءاً مما يشتريه المستهلكون إلى محفزات قرارات الشراء التي يتخذونها ومحددات شعورهم تجاه العلامة التجارية أو المنتج، وتساعد هذه المعلومات الشركات على التوجه نحو اعتماد طريقة تفكير تتمحور حول العميل أو المستهلك من خلال النظر إلى ما هو أبعد من المنتجات والخدمات التي يهتم بها المستهلكون».
- زيادة الإنتاجية
وأوضح الخطيب أنه ومن خلال اعتماد استراتيجية ممتازة لتجربة العملاء، تستطيع الشركات والعلامات التجارية تقسيم مجموعات البيانات التي تمتلكها على نحو مفصل بهدف الوصول إلى رؤية موحدة للعميل، تمكنها من تحقيق مزايا عدة مثل الاحتفاظ بالعملاء، وكسب ولاءهم، ورضاهم، ومشاركتهم وفي الوقت نفسه، توفر الإدارة الموحدة لتجربة العملاء المقاييس والتحليلات التي تحتاجها الشركات لقياس الأداء والعائد على الاستثمار، حيث تبيّن هذه الإدارة بوضوح أداء المؤسسة وكيفية تحسين أدائها انطلاقاً من مؤشرات نمو الإيرادات واحتواء التكاليف ووصولاً إلى مؤشرات زيادة الإنتاجية.
- تعزيز المنافسة
يقول محمد الزواري، مدير عام شركة «سنوفليك» في المنطقة وتركيا وإفريقيا: إن حجم سوق الاتصالات العالمي بلغ نحو 1.5 تريليون دولار، وقد أدى النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية إلى تغيير سلوك العملاء وتوقعاتهم مع مزودي الأعمال المختلفين.
وأضاف تعد «سنوفليك» شركة سحابية متخصصة في تطوير بنية قوية لتخزين البيانات والبحث والحوسبة المتوازية لتمكين الشركات من تخزين بياناتها على منصتها السحابية وتوحيد البيانات المنعزلة ومشاركتها بأمان لتنفيذ الأعمال التحليلية المتنوعة، وتعتبر البيانات أساسية لضمان نجاح الشركات الحديثة، خاصة وأنها تسعى إلى المنافسة على نطاق عالمي وتطمح لاكتساب نظرة مباشرة على كيفية استفادة غيرها من الشركات من بياناتها لدفع عجلة الابتكار.
وتابع الزواري: نتوقع نمو الطلب على حلول تحليل البيانات في الإمارات العام الجاري بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25% مقارنة بالعام الماضي، بسبب زيادة استخدام الحوسبة السحابية، فيما عززت سنوفليك من وجودها في الإمارات بموقعها في منطقة «آزور» الخاصة بشركة مايكروسوفت العالمية، ما يمكّن الشركات المحلية من الحفاظ على قربها من بياناتها مع الامتثال الصارم للوائح البيانات المحلية.
- تسريع العمليات
بدوره، قال غوتييه أندريس، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا لدى بروبرتي فايندر: نعمل على توفير خدماتنا للشركات والأفراد بالاعتماد على البيانات والاستفادة منها بأفضل شكل ممكن، كمزود لحلول التكنولوجيا العقارية في المنطقة حيث تسهم البيانات وتحليلاتها في ضمان عمليات اتصال وتنسيق أكثر سلاسة وفعالية بين فرق العمل والعملاء، مما ينعكس إيجاباً على الأداء بشكل عام.
وأضاف، تتيح البرمجيات كخدمة القدرة على توفير بيانات أكثر صلة للمستهلكين والعملاء في وقت واحد عوضاً عن التركيز على صيانة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، كما تسهم في دعم نمو وتطور الشركة لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأرباح من خلال تسريع العمليات.
%84 من الشركات تستثمر في تجربة العملاء
أظهرت دراسة أن 84% من الشركات سترفع استثماراتها في حلول تجربة العملاء أجرتها مجلة منجمنت ريفيو كونكشنز«بدعم من شركة» ساس«العالمية المتخصصة في حلول تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي. وذكرت الدراسة أن 62% من المؤسسات في المنطقة وإفريقيا تخطط لزيادة استثماراتها بنسبة تصل إلى 50% في حلول الارتقاء بتجربة العملاء بحلول 2024.
وأظهرت نتائج الدراسة، التي شملت منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، أن 22% من المؤسسات تخطط لزيادة الإنفاق بأكثر من الضعفين على تقنيات مثل تحليلات البيانات والتخصيص وأدوات المساعدة الذكية. وتشير التوقعات بخصوص العائد الاستثماري في هذا المجال بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إلى زيادة قدرها 100%، من 19% حالياً إلى 38% خلال الأشهر ال 24 القادمة.
وقال أندرياس هايز، مدير إدارة حلول ذكاء العملاء بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في ساس: إن المؤسسات العالمية تسبق نظيراتها في الشرق الأوسط وإفريقيا في مستوى تجربة العملاء، مؤكّداً أن التقنيات تساعد في إكساب تجربة العملاء مزيداً من الزخم وتحتاج المؤسسات إلى خبرة شاملة في البيانات، وإلى ما يسمى بالمنتجات المحبّبة بدلاً من منتجات الحدّ الأدنى.
