سلمى الجيوسي

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

نظرة سريعة على المنجز البحثي والنقدي الأدبي لسلمى الخضراء الجيوسي، يظهر ما قدّمته هذه المرأة من مساهمة في غاية الثراء للثقافة العربية، التي كانت حاضرة في صدارة مشهدها على مدار عقود طويلة، فهي التي وضعت عدداً من الموسوعات التي ستبقى مراجع خالدة يعود إليها دارسو الثقافة والأدب العربيين، وتوزعت إصداراتها على اللغتين العربية والإنجليزية، فإليها يعود فضل كبير في تعريف الناطقين باللغة الثانية من أكاديميين ودارسين بأدبنا العربي، قديمه وحديثه، وحسبنا هنا ذكر عناوين بعض مؤلفاتها، ك«الشعر العربي الحديث»، «أدب الجزيرة العربية»، «الأدب الفلسطيني الحديث»، «المسرح العربي الحديث»، «القصة العربية الحديثة»، فضلاً عن مؤلفات في الحضارة العربية وأدبها القديم، كدراستها عن «الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس»، ودراستها عن «الشعر الأموي».
من العربية إلى الإنجليزية ترجمت الجيوسي الكثير من الأعمال الروائية لأسماء مثل حنا مينه، يوسف القعيد، سحر خليفة، إبراهيم نصر الله، إبراهيم الكوني وغيرهم، كما ترجمت عدداً من دواوين الشعر العربية لشعراء مثل أبي القاسم الشابي، نزار قباني، فدوى طوقان، محمد الماغوط وغيرهم. وأنشأت عام 1980 مشروع بروتا للترجمة، ونقل الثقافة العربية إلى العالم الأنجلوسكسوني.
ولدت سلمى الجيوسي التي رحلت عن الدنيا قبل يومين، في مدينة صفد الفلسطينية عام 1928. درست الثانوية بالقدس، ثم درست الأدبين العربي والإنجليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت، قبل أن تعود إلى القدس وتعمل في «كلية دار المعلمات»، وبعد النكبة الفلسطينية عام 1948 استقرت في الأردن، وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن، وقامت بالتدريس في العديد من الجامعات الكبرى.
حظيت الراحلة الكبيرة بتقدير كبير هي أهل له، حيث نالت العديد من الجوائز المرموقة، فقد اختيرت من جائزة الشيخ زايد لتكون شخصية العام الثقافية في 2020، كما منحت جائزة «الإنجاز الثقافيّ والعلميّ» من مؤسّسة سلطان العويس الثقافيّة عام 2007، إضافة إلى وسام القدس للإنجاز الأدبيّ، كما حصلت على «جائزة محمود درويش للإبداع» عام 2023.
سيرة الجيوسي وهي القائلة «إن إصدار الأحكام المطلقة في الفنّ مسألة بالغة الخطورة، ومن المُفقر لأيّ فنّ أن يحصر فضاء تعبيره»، تدعونا إلى الوقوف مجدداً أمام المساهمة بالغة الأهمية لأدباء ومثقفي ومفكري فلسطين، رغم المحن المتكالبة على وطنهم، منذ نحو ثمانية عقود، في إثراء الثقافة العربية وتطويرها والدفع بها نحو آفاق العالمية، ولو أن المساحة تتسع لأوردنا هنا عشرات الأسماء من شعراء وكتّاب ومفكري فلسطين الذين نهضوا بهذا الدور.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8n7uwm

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"