إذا كنت تاجراً

هناك من يتكبد الخسارة في تجارته، بسبب عدم دقة القرارات التي اتخذها، أو بسبب تقلبات السوق الخارجة عن إرادته، أو التي لم يتمكن من فهمها، وهناك من يخسر، لأنه لم يكن على مستوى التحديات التي واجهته، وهناك من يخسر، لأنه اعتقد أن البيع والشراء، لهما قاعدة تقول «اشترِ برخص وبع أغلى» وحسب.
في هذا العصر، عصر المعلومات، سريعة التنقل، التي نحصل عليها، بجهد قليل وبزمن وجيز، يفترض أن حرصنا ودقتنا باتا على درجة أعلى وأكثر دقة. البعض يقوم باستيراد بضاعة، لا تناسب المستهلكين، فيخسر، وهناك من يستورد منتجات باهظة الثمن، لا تتوافق مع ميزانية الناس، وقدرتهم الشرائية، وهناك من يراهن على قدرته على بيع منتجات سلعة ما، بينما لم يجهز منافذ التوزيع، ولم تكن لديه شبكة للبيع، بمعنى يفتقر للآليات التي تمكنه من الوصول إلى الزبائن، وهناك من يحصر التجارة في فتح محل في موقع مميز، بينما العالم تجاوزه للتجارة الإلكترونية، والتي انتشرت وبات لها جمهورها الواسع من الناس.
نحن في عصر، يجب أن يكون المستثمر، على درجة من المعرفة والوعي؛ المعرفة بأحوال الناس وقدرتهم الشرائية، ويدرك الضغوط، ويفهم أيضاً متى يعرض سلعته وتوقيتها، ومتى يخفض السعر ومتى يعيده لما كان عليه. أحدهم قام بشراء سلعة ما، كُلفة كل قطعة منها، نحو خمسين درهماً، وقرر بيعها بمئة درهم، وعندما سئل عن السبب في مضاعفة المبلغ، لم تكن هناك إجابة مقنعة، فلو باع القطعة بستين درهماً، لحقق ربحاً، ومع هذا قرر مضاعفة الثمن على المستهلك، والذي حدث أن سلعته بقيت على أرفف المحل، لأنها كانت تباع عبر الأونلاين، أو في محال أخرى بسعر أقل بكثير، ولم يقف الأمر هنا؛ بل انتشر بين الناس بأنه يبالغ في الأسعار، ويرفعها، والتصق به هذا الأمر لدى السواد الأعظم من الناس، مما أثر بشكل واضح في تجارته، وتسبب في تعثرها، وعندما قرر أن يخفض المبلغ، وجد أن نفس السلعة تباع القطعة الواحدة بنحو أربعين درهماً، لأن التجار الآخرين باعوا معظم المخزون بربح ومكسب، وما تبقى من هذا المنتج عرضوه للبيع بتخفيض كبير، أما هو فقد كانت نفس السلعة لديه بكميات كبيرة، تملأ مخازنه. إنها مشكلة رؤية لدى هذا التاجر، ومشكلة فهم، ومشكلة معرفة، وقبل هذا جميعه، هي مشكلة عدم إدراكه بأن الناس باتوا أكثر حرصاً عند الشراء.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com