دليل نفائس القيم

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا لو تقمّص دماغك دور دماغ شاب عربي في العشرين، لكن سنةَ خمسين؟ هل نجحتِ العملية؟ الآن حدثنا بصراحة أيها الشاب العشريني في منتصف القرن: كيف تنظر إلى الميراث الأدبي العربي من العصر الذي سبق الإسلام إلى أيامك أنت. نحن في شوق متوهج إلى معرفة الحال التي وصلت إليها العربية عندكم. نسأل الله ألاّ يكون كل عربي في مضاربكم قد أحوجه الدهر إلى من يحل عقدةً من لسانه ليفقه الناس قوله. لو كان كل من انعقد لسانه لديه عصاً سحرية لفُرجت، حتى لو لم يحْظ بهارون يشد به أزره.
أتدري يا عزيزي كم أهدر الكتّاب من الكلام في مطالبة المناهج بتطوير أساليب تدريس العربية، حتى لا يؤدي عدم التطوير إلى توريط أجيال العرب في الانهيارات اللغوية؟ المأساة أن الكثير من المثقفين هم اليوم شركاء في عدم الاكتراث لسوء مصير لغتنا. بالله عليك، قل لنا بالمكشوف ما الذي يجتذبك من الشعر الجاهلي؟ الذنب ذنبنا، فنحن الذين لم ننتقِ لك من تراثنا منظومة قيم جمالية وفكرية وحياتية حيوية، حتى تكون لك سند هوية وقاعدة انطلاق حضاري. هل تظن مثلاً أن سفيراً عربياً لدى الأمم المتحدة في خطاب موجّه إلى دول العالم يستطيع أن يقول غاضباً: «ولي دونكم أهلون سِيدٌ عملّسٌ.. وأرقطُ زُهلولٌ وعرْفاءُ جيألُ»؟ هل يُعقل أن يقال لك أنت ابن العشرين، سنة خمسين: إن سلسلة الجبال الشعرية الممتدة من الجاهلية إلى القرن العشرين هي المخزون الذي تركه لك الماضون، عشرات الملايين من الأشعار، فتفضل وانتقِ بنفسك ما طاب لك.
أبسط جهاز تشتريه تجد معه دليل المستخدم. في الشعر العربي الكثير من الخيال العلمي بأثر رجعي. تأبّط شراً كانت له غراميات مع الغول. لا يمكن أن يكون ضمن متحف النفائس قول عمرو بن كلثوم: «نجذّ رؤوسهم في غير بِرٍّ.. فلا يدرون ماذا يتّقونا»، فكأنه يصوّر ما فعله أصحاب «التحرير والديمقراطية» بالعراق وسوريا وليبيا. لكن في خزانة جواهر الأدب العربي روائع خالدة. تأمّل جمال توظيف الغزل إذا أنت نقلت نسيب العباس بن الأحنف إلى مستوى التجلي الحضاري للدولة التي تغدو نوراً ومنارةً ونبراساً في العالم. يقول: «نعمةٌ كالشمس لمّا طلعتْ.. بَثّتِ الإشراقَ في كلّ بلدْ». كأنه يتحدث عن إشراق دولة الإمارات.
لزوم ما يلزم: النتيجة العملية: يجب جمع روائع القيم الجمالية والفكرية في كتاب يُهدى إلى الأجيال كدليل حضاري.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/z7d2hxzc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"