«عم ربيع» مات

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

من عاداتنا الحديثة، أن نتجول كل يوم بين مختلف الصفحات والمواقع، وننتقل ما بين «تويتر» و«إنستغرام» و«فيسبوك»، ونتابع بورصة «الترند» لنعرف من يتصدر، ولماذا، وما الذي يشغل الناس اليوم؟ وطبيعي أن تتصدر بورصة «تويتر» المسلسلات الرمضانية، وأبرز شخصياتها، ولا نقول أبطالها، لأن هناك شخصيات برزت، وأحياناً تفوقت على الأبطال الرئيسيين في مسلسلات عدة؛ ورغم تفوق منى زكي الرائعة بدور حنان في مسلسل «تحت الوصاية»، إلا أن «عم ربيع» خطف القلوب منذ أول لقطة ظهر فيها في المسلسل، ولأن رشدي الشامي هو من يجسد الشخصية، صار عم ربيع حقيقة، رجلاً نطمئن لوجوده بجانب حنان، فقد صدّقنا قصة هذه الأرملة ومعاناتها، لدرجة أننا خفنا عليها، وفكّرنا في حلول تساعدها، ورافقتنا، هي وابنها ياسين وابنتها فرح، في يومياتنا، لذا شعرنا بأن العم ربيع هو الأب والأخ والسند الحقيقي لحنان، نطمئن لوجوده، وللحلول التي يعرضها عليها، يضمّد جراحها، ويدعمها بقوة. 
لكل هذه الأسباب، شكّل موت عم ربيع صدمة كبيرة للجمهور، وانتشر سريعاً ترند #عم_ربيع_مات، والكل يسأل الكاتب «لماذا قتلته؟ لماذا يموت هو وينجو حمدي النصّاب؟».. خالد وشيرين دياب كتبا قصة تنبض حياة بكل من فيها، والمخرج محمد شاكر خضير زادها واقعية وجمالاً باهتمامه بالتفاصيل، من التصوير في البحر وداخل مركب الصيد، بل أخذنا مع البحارة الصيادين لنشاهد رحلة الصيد، من ألفها إلى يائها، ونكتشف عالماً مختلفاً، ونردد مع «ريّس المركب» والصيادين عبارات لم نكن نعرفها.. 
لماذا مات عم ربيع؟ كأن خالد وشيرين يقولان إن زمننا هذا يسود فيه الشر و«البلطجة» والاستقواء على الطيبين والأخيار، وإن انتزاع الحق صار صعباً؛ بجانب، طبعاً، القضية الأساسية التي يطرحها المسلسل وهي حق الوصاية، وحرمان الأم من أهليتها في التصرف في شؤون ومصير أولادها، وأموالهم، في حال وفاة الأب. 
 رشدي الشامي قدم في هذا المسلسل قمة الأداء.. سلس سهل صعب متشائم متفائل طيّب مسالم مقاتل.. كل هذا الخليط تجانس مع لغة الجسد التي تفنن الشامي في جعلها تبدو مترهلة، متعبة، منكسرة، ثم منتصرة مبتهجة.. عم ربيع الذي كان منبوذاً في بداية المسلسل، متجهماً، مريضاً، دبّت فيه الروح حين عمل مع حنان على مركب الصيد، تحوّل من صامت مراقب إلى مرشد ناصح، غنى ورقص وضحك، قبل أن يغادرنا بوجع وحسرة. 
الكلام عن «تحت الوصاية» يستحق الكثير، ويطول أكثر من عدد حلقاته ال15، فكل الممثلين أبدعوا فشكّلوا حالة مختلفة ومميزة، أحمد خالد صالح لعب دوره بسلاسة ونضج واضحين، ولغة جسد مناسبة تماماً للشخصية، خالد كمال، دياب، الطفل عمر شريف الذي جسد ياسين ابن حنان، حتى الطفلة الصغيرة أبهرتنا فبدت متناغمة مع فريق العمل  كأنها تعلم جيداً ما الذي يحصل، وما عليها فعله. أما منى زكي فلنا وقفة أخرى معها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4a5r2w

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"