مسرح

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

أكثر من مرّة كتبت عمّا يُسَمّى «مسرح العيد»، ولا ندري إن كانت هذه التسمية واقعية أم كانت مجازية، كما لا نستطيع الجزم إن كان «مسرح العيد» حالة فنية ثقافية أم هي فعلاً ظاهرة إبداعية ليست في الإمارات فحسب، بل، وفي بعض البلدان العربية، وبالمناسبة، قرأت قبل أيام عن عرض مسرحي في بيروت أقيم أو سيقام في أيام العيد، وفي مصر يجري في العادة عرض مسرحيات جديدة أو قديمة في العيد، أما في الإمارات، فقد كانت عروض العيد المسرحية جانباً عاطفياً ونفسياً من ثقافة العيد، وبخاصة في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، حين كان المسرح سيّد الفرجة الاجتماعية العامّة في الأعياد التي تجمع الناس على فن عريق في المنطقة يعود في بداياته الفرجوية الأولى إلى الستينات والسبعينات، حين كان الرجل يقوم بدور المرأة على الخشبة، وحين كان العرض المسرحي في حدّ ذاته.. عيداً.
آنذاك لم يكن التلفزيون في مثل انتشاره وحضوره الشعبي كما هي الحال اليوم،.. آنذاك كان لا بدّ من الفرح في العيد وفي غير العيد، وكان المسرح في صيغته الأولية تلك باعثاً على الفرح الذي له مُبرره آنذاك.
اليوم كثرت بدائل المسرح، وفي الوقت نفسه كثرت موضوعاته ومضامينه التي ما كان لها أن تُعرض في زمن الفرح.. اليوم ثمة مسرح يمكن أن يقع في وصف مسرح العنف، أو المسرح السياسي الموجّه بالفكر والإيديولوجية والتعبئة الدعائية لمصلحة فرد أو جماعة، الأمر الذي لم يكن وارداً أبداً عند الإنسان البسيط، الذي كان يأتي إلى المسرح ليرى فرجة، أو ليضحك، أو حتى ليبكي.
المسرح تاريخ ورواية وذاكرة، ولأنه في الأساس فن جماعي، سواء في صناعته أو في (نظّارته) أو مشاهديه، فهو عيد في العيد، والمسرح، أيضاً عيد الإنسان البسيط الجميل المُنقّى من كل هوى إيديولوجي أو عقيدة فكرية مُتحكّمة. عيد الإنسان الصّافي في كل زمان ومكان.
هل اختفى مسرح العيد في الإمارات وفي العالم كلّه؟؟.. نعم اختفى أو أنه في طريقه إلى الاختفاء، شأنه شأن الظواهر الفنية والثقافية والجمالية العديدة التي أصبحت اليوم طيّ النسيان.
عُدْ، إذا أردت، إلى الثقافة الشعبية والتراث الشعبي، والأولي، الفطري أو الطفولي البرّي.. كما يقولون في البلدان العربية كافة، وفي العالم.. هذا العالم المادي، وفي أجزاء منه دموي عديم الإنسانية والرّوح، واسأل نفسك.. عمّا اختفى منك ومن حياتك.. وعمّا ظهَرَ وأُعلِنَ و تَوَحَّش.. عليَّ وعليك.. وعلى المسرح.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p92pp5v

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"