مسلسلات تُنفذ على عجل

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

قناعة تكرّست لدى مشاهدي المسلسلات التلفزيونية الرمضانية، هي أن الكثير منها يتم وضعه وتنفيذه على عجل، بدون تأنٍّ وتحضير كافيين، وكثيراً ما يحدث أن الحلقة التي ستبث في اليوم التالي ليست جاهزة تماماً للعرض، ويجري في النهار وعلى وجه السرعة إكمالها، كيفما اتفق.
هذه القناعة تزداد رسوخاً في كل موسم درامي رمضاني عربي، ولأني لست من الشغوفين بمتابعة هذه المسلسلات، إلا فيما ندر، فليس بوسعي تقديم ملاحظات بهذا الخصوص على المسلسلات التي بثت هذا العام، ولكني قرأت تقريراً مأخوذاً عن الوكالات، يشير إلى أخطاء بعضها فادح وقع فيها القائمون على بعضها وأثارت الانتقادات.
آثرت ألا أذكر أسماء المسلسلات التي تناولها هذا التقرير، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض هذه الملاحظات، كظهور الجنود المماليك في أحد المسلسلات التاريخية وهم يرتدون في المعركة، أحذية رياضية من ماركة عالمية مشهورة حالياً، بالرغم من أن اللقطة تظهر معركة تاريخية وقعت قبل قرون.
ملاحظة أخرى تحدثت عن خطأ إملائي لافت في عنوان إحدى حلقات مسلسل آخر، اعتذر عنه مخرج العمل، وقال إنه جارٍ تصحيحه، فيما أخذ على مسلسل آخر أن ممثلة مشهورة فيه ظهرت في إحدى الحلقات بحروق كبيرة على وجهها، كما يقتضي الدور، لكنها ظهرت في الحلقة التالية مباشرة بدون أثر لتلك الحروق، وثمة ملاحظة تخصنا هذه المرة وغير واردة في التقرير المذكور تتصل بنمطية ورتابة أداء بعض الممثلين فيها سنة عن سنة، وفي مختلف الأدوار، كأن للممثل قناعاً واحداً فقط لا يحسن ارتداء غيره.
يلاحظ أيضاً، ولأسباب تجارية محضة، الحرص على أن تكون حلقات المسلسل المعني ثلاثين حلقة لتغطي الشهر كاملاً، فيما الأحداث لا تستدعي هذه الإطالة، التي تبدو مفتعلة، ولا تضيف جديداً للموضوع الدرامي، وهذا يحملنا على الإشادة بمسلسل «سفر برلك» الذي تكوّن من عشرين حلقة فقط، وهو الوحيد الذي تابعت حلقاته، فوجدته متماسكاً ومترابطاً في أحداثه، وأبعد ما يكون عن المسلسلات التي توضع على عجل، إذا ما علمنا أن المخرج السوري الراحل حاتم علي المتوفي في نهاية عام 2020، هو من بدأ العمل على إخراجه، ليستلم العمل بعده الليث حجو الذي كان حاتم اختاره لتصوير مواقع الأحداث في الشام، علماً بأنه اشترك في وضع القصة والسيناريو والحوار لجنة مكونة من أربعة أسماء بارزة، ليغطي المسلسل عدة أماكن بينها إسطنبول والشام وبيروت والحجاز، وهذه الأخيرة تحضر، درامياً، لأول مرة وبقوّة في عمل يوثق تلك المرحلة من مقاومة العرب للهيمنة العثمانية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/6fm28st7

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"