عادي
مدرسون استغلوا شهر رمضان لمضاعفة أرباحهم

«تسعيرة» الدروس الخصوصية.. مواسم ومناسبات

01:06 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد الماحي

على الرغم من أن الدروس الخصوصية تعد ظاهرة قديمة، فإنها تشتعل في الفترة الأخيرة بحسب المواسم والمناسبات، حيث ضاعف بعض المعلمين أسعار الدروس، من خلال عروض تسويقية وباقات ترويجية، تعكس التحوّل الذي آلت إليه العملية التعليمية، من نظام تربوي يستهدف تنمية المعارف إلى تجارة حسب المواسم.

واشتعلت أسعار بورصة الدروس الخصوصية في رمضان، حيث استغل معلمون الشهر الفضيل وكثفوا الإعلانات عبر المواقع المختلفة على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، والرسائل الشخصية، برفع تسعيرة الدروس وتغيير مواعيدها إلى فترة ما بعد الفطور، ليتسنى للطلبة التركيز أثناء الدرس، مشيرين إلى أن مواعيد وظروف الشهر الكريم تختلف عن الأيام الأخرى، وهي ظاهرة غريبة وجديدة تلقى «الخليج» الضوء عليها في التحقيق التالي، ورصدت أسعار جديدة لموسم جديد من الدروس الخصوصية.

أكد أولياء أمور أن هناك تغيرات جديدة طرأت على الدروس الخصوصية أثناء شهر رمضان، مشيرين إلى أنهم يضطرون إلى الاستجابة لأي متغيرات تصاحب مواعيد الدروس وقيمتها، لحاجتهم إليها في تحسين مستويات أبنائهم وتحصيلهم الدراسي.

وقبل أكثر من 4 أيام فقط من بدء الشهر الفضيل، امتلأت المنتديات وجروبات أولياء الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي، بإعلانات جديدة تغري الطلبة ببدء الدروس في ساعات متأخرة من الليل، واشتركت أغلب إعلانات المعلمين في زيادة أسعار الدروس الخصوصية خلال الشهر الكريم.

وفي رصد ل «الخليج» كشفت عن أن أسعار الدروس الخصوصية تتراوح بين 1500 و2000 درهم شهرياً، للصفوف من الأول حتى الخامس، بواقع ثماني حصص خلال الشهر الفضيل، فيما تراوحت أسعار الدروس الخصوصية للصفوف الأعلى بين 200 و300 درهم للحصة.

ويقول محمود مصطفى ولي أمر طالب في المرحلة الثانوية، إن تزامن اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني مع بداية شهر رمضان، جعل معلمي دروس خصوصية ينتهزون الفرصة لتغيير أسعارهم، مشيراً إلى أن مواد المرحلة الثانوية بحاجة إلى وقت أطول، قد يتخطى الساعتين، الأمر الذي استغله بعض المعلمين في تسعيرة دروسهم خلال شهر رمضان، ورفعها بشكل يستنزف أولياء الأمور.

وأضاف أن التفاعل المجتمعي الإيجابي يبقى أفضل الحلول لمواجهة التحديات المجتمعية، ولذلك فإن التصدي لظاهرة انتشار الدروس الخصوصية وإعلاناتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مسؤولية جماهيرية في المقام الأول.

خط ساخن

تتفق أم راشد مع رأي محمود مصطفى، وتضيف أن ما يقوم به بعض معلمي الدروس الخصوصية من استغلال فترة الامتحانات في رفع أسعارهم، أمر قد اعتدناه كأولياء أمور، إلا أن ارتفاع تسعيرة الدروس الخصوصية في شهر رمضان أمر جديد علينا.

ودعت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مكتب تنظيم الإعلام، وإدارة وتنظيم الأنشطة الإعلامية في الإمارات، إلى ضرورة تدشين خطاً ساخناً للإبلاغ عن مثل هذه الإعلانات، وتشجيع الأفراد على التفاعل معه. ويقول مازن المزيني ولي أمر ثلاثة طلاب في المرحلة الثانوية، إنه في ظل عدم وجود جهة رقابية على معلمي الدروس الخصوصية، يقوم كل معلم برسم سياساته وشروطه وتغييرها من وقت لآخر، دون الالتفات إلى الخسائر المالية التي يتكبدها ولي الأمر من أجل تحسين علامات ابنه أو ابنته، ورفع تحصيلهم التعليمي.

في المقابل أكد معلم دروس خصوصية، فضل عدم ذكر اسمه، أن غالبية معلمي هذه الدروس كانوا يعملون معلمين سابقين في المدارس الخاصة أو الحكومية، وعلى دراية تامة بظروف أولياء الأمور، إلا أن بعض التغيرات التي تطرأ على مواعيد الاختبارات تجبرهم على رفع أسعارهم، لافتاً إلى أن شهر رمضان يفرض مواعيد معينة للدروس، ما قد يقل فيه عدد الطلبة، وقد يعطي المعلم الدروس لساعات متأخرة.

ضعف القدرات

يرى تربويون أن انتشار الدروس الخصوصية، يضعف قدرة الطالب على التركيز في المدرسة، بسبب ركونه إلى المدرس الخاص، الذي يساعده على اجتياز الاختبارات بمجهود أقل، مشيرين إلى أن الأسر هي السبب الأساسي في انتشار الدروس الخصوصية، كونهم يعولون على المدرس الخاص في إنجاح أبنائها دون بذل مجهود كبير.

ولفتوا إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية تتفشى ولا تتراجع، وأن الوضع يتطلب تعاون جميع أطراف الميدان التربوي، للوقوف أمام استشراء حدتها حسب المواسم والمناسبات، لاسيما الامتحانات النهائية؛ إذ يصل سقف الحصة الواحدة إلى ألف درهم للمواد العلمية.

وحمّل الخبير التربوي مانع النعيمي أولياء الأمور مسؤولية تفشي هذه الظاهرة، وتشجيعهم لأبنائهم من خلال إحضار مدرسين للمنزل من أجل تحصيل درجات عالية، مشيراً إلى أن المدارس التي تؤدي دورها على أكمل وجه لا يمكن لأي من طلابها أن يحتاج إلى دروس تقوية خارج أسوار الحرم المدرسي.

وأضاف أن الدروس الخصوصية تؤثر بصورة مباشرة في تركيز الطالب في المدرسة، لا سيما أنه لا يستطيع أن ينتبه للدرس في المدرسة ثم يعيده مرة أخرى في المنزل، لافتاً إلى استشراء حدتها حسب المواسم والمناسبات، لاسيما الامتحانات النهائية؛ إذ يصل سقف الحصة الواحدة إلى ألف درهم.

المجتمع والمدرس

أكد الخبير التربوي محمد راشد الحمودي، أن المدارس تقع عليها مسؤولية بدرجة أقل من أولياء الأمور في متابعة طلابها، موضحاً أن الطالب الموجود اليوم هو الطالب نفسه قبل 20 عاماً، لكن الذي تغيّر هو المجتمع والمدرس واحتياجاته، مشيراً إلى أن مواجهة الدروس الخصوصية يتطلب جهداً كبيراً، لأن بعض المدرّسين الخصوصين يتحصلون على مبالغ تتراوح بين 2000 ألف إلى 3000 ألف درهم خلال فترة الاختبارات، لذلك نجدهم يدافعون عن هذه المصالح بصورة قوية.

ووصف الظاهرة بأنها آفة تربوية ابتلي فيها الميدان التربوي، حيث باتت تشكل عبئاً مادياً على جيوب أولياء الأمور من مواطنين ومقيمين، فقد بلغت أثمان الحصص مبالغ خيالية لا تصدق.

وأشار إلى أن تزامن بعض الامتحانات مع أول أيام الشهر الفضيل، جعل بعض معلمي الدروس الخصوصية يستبقون الأحداث، ويقررون تغيير مواعيد الحصص وسعرها، إلا أن ولي الأمر قد يجبر على الموافقة على أي تغيير يطرأ على الدرس، لحاجة الطالب إليه، خصوصاً في المواد العلمية المتمثلة في الكيمياء والأحياء.

فيما يرى الخبير التربوي إبراهيم بركة، أن المدارس يقع على عاتقها رفع مهارات طلابها، من خلال إجراء اختبارات قياس المهارات وتقييم مدى استيعابهم والوقوف على جوانب الضعف لديهم، وفي ضوء نتائج تلك الاختبارات يستطيع المعلم تحديد مستويات الطلاب ووضع تصور لبرامج التقوية اللازمة لترفع مستوياتهم.

وتابع أن معلم الصف مكلف بمراعاة الفروق الفردية بين طلابه، والتركيز على الطالب الضعيف دراسياً وإعطائه قدراً أكبر من الاهتمام، وتقوية الطلاب من خلال أوراق عمل وبرامج ودروس تقوية بالتنسيق مع أولياء الأمور.

من جانيه، يقول الخبير التربوي جاسم فايز، إن الدروس الخصوصية تتزايد تصاعدياً على مدار العام الدراسي، من قبل أولياء الأمور، باعتبارها سلعة أساسية مرغوبة لأبنائهم «ولو كرهوها»، لاسيما في مواسم الامتحانات المدرسية، ومعها يعيش مروجو هذه الدروس حالة من النشاط والتنوّع الدعائي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p99cjdj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"