من يطفئ النار؟

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

معروف أن إيطاليا كواحدة من دول حلف الأطلسي تقدم الدعم العسكري لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، كما أن رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، قامت بزيارة كييف في فبراير/ شباط الماضي، والتقت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأعلنت دعمها له، لكن من الواضح أنها تشعر بثقل الحرب وتداعياتها على الإيطاليين، وترى أن هذه الحرب باتت تشكل خطراً على الأمن والسلام الدوليين، لأنها دخلت في مسار لا يمكن التنبؤ بنتائجه.

 وزير الدفاع الإيطالي، جويدو كروسيتو، اتهم الجميع «بصب الزيت على النار، ولا يوجد عاقل واحد يخمدها». مثل هذا الكلام يعني أن بلاده، كما هو حال دول أوروبية أخرى، باتت تشعر بأن الوقت قد حان لوقف الحرب، وأن «حفلة الجنون الغربية» في المضي قدماً بتأجيج الحرب من خلال الإصرار على تقديم المزيد من السلاح إلى أوكرانيا، لن تؤدي إلى تحقيق ما ترغب فيه واشنطن من هزيمة روسيا، إذ لا يمكن حلّ الأزمة الأوكرانية، وفق الوزير الإيطالي «إلا من خلال المفاوضات المباشرة».

 يقول كروسيتو «نحن بحاجة لرجال إطفاء في عالم فقدت فيه الأمم المتحدة وظيفتها، وحيادها، وتوقفت عن إخماد الحروب، بل باتت تؤجّجها»، وهذا إقرار بعجز المنظمة الدولية عن دورها في حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما أنه اتهام للدول التي تعمل من أجل السيطرة على المنظمة الدولية، وإلحاقها بسياساتها.

 من الواضح أن إيطاليا مضطرة، بوصفها إحدى دول حلف الأطلسي، إلى الالتزام بسياسة الحلف وقراراته، لكنها تحاول أن تميّز نفسها بالدعوة لوقف الحرب من خلال المفاوضات، وهذا ما يرفضه الحلف باعتباره أداة عسكرية أمريكية لتنفيذ سياسات قد تكون في غير مصلحة الدول الأوروبية، كما حصل في حربَي أفغانستان والعراق، إذ اضطرت الدول الأوروبية إلى خوض حروب ليست حروبها.

 يذكر أن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، كان حذّر في تصريح سابق من خطر التقليل من الحرب الأوكرانية، لافتاً إلى أهمية «ضمان عدم إغلاق أبواب الحوار بشكل نهائي مع الكرملين وتفعيل الدبلوماسية»، مؤكداً «العمل من أجل السلام، أو على الأقل، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».

 هذا الموقف يلتقي مع الموقف الفرنسي بعدم إغلاق أبواب الحوار مع موسكو، والتحذير من مخاطر «السعي لهزيمة روسيا»، كما أنه يلتقي مع موقف المجر التي ترفض الحرب الأطلسية المفروضة على روسيا، إذ حذر رئيس وزرائها، فكتور أوربان، أوروبا من خطر «الانجذاب بشكل متزايد إلى الصراع في أوكرانيا، وتقترب من الانزلاق إليه، وتتأرجح على شفا الحرب»، كما أنه شكك في إمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، معرباً عن دهشته لإعلان أمين عام الحلف، ينس ستولتنبرغ، خلال زيارته السرية الأخيرة إلى كييف، أن «جميع حلفاء «الناتو» وافقوا على أن تصبح أوكرانيا عضواً في الحلف».

 إيطاليا، وغيرها من الدول، تبحث عن رجل إطفاء فلا تجده، طالما أن الولايات المتحدة تمنع كل محاولات إطفاء الحريق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx9au34

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"