مهرة سعيد المهيري
تسعى القيادة في الإمارات لأن يكون الشعب واعياً بواجباته وحقوقه. يقوم المواطن بواجبه من نفسه، ولا يأخذ إلا حقه. هذا التوازن بين الواجبات والحقوق هو ما يؤسس للطمأنينة والعمل الجاد المبني على المعرفة.
الوطن بالنسبة للإماراتيين وازع أساسه الحب وليس مجرد جواز سفر يحمل أسماءنا. مثلما تعلمنا من آبائنا وأجدادنا بحكمتهم ومواكبتهم لمراحل التأسيس، فإن الخير يأتي من الإحساس بالبركة. وبركة الإمارات كانت وتبقى نهضتها. والخير هو العمل الذي يؤديه المواطن بالالتزام وحسن الأداء والعمل المثابر. مثل هذا الالتزام بالواجبات هو ما يجعل بركة الإمارات دائمة ويستمر الخير دائماً.
تريد الإمارات منا أن نكون مواطنين صالحين، أن نحب الشعب ونحترمه وأن نبتعد عما يؤذي ويخدع ويغش. أن نواجه ما يقلق أمن الناس وراحتهم. أن نتفانى فيما يتطلب منا من عمل فيما يسعد أهلنا.
يريد منا الوطن أن نحترم القوانين والأنظمة وأن نغرس روح المبادرة، في أنفسنا وفي نفوس الأجيال الشابة. فشبابنا هم ذخيرة هذا الوطن، ودورهم في الحاضر والمستقبل أكبر مما يتصوره البعض. فالمستقبل معقود عليهم بعلمهم وثقافتهم وفهمهم، وجدهم واجتهادهم وإخلاصهم وتفانيهم، والتفافهم ووحدتهم ومساهمتهم في خدمة وطنهم ومواطنيهم ومساعيهم في المحافظة على مكتسبات الوطن وإنجازاته والبناء عليها.
إننا مدينون للمؤسسين في وطننا، فالفضل لهم في كل ما نتمتع به من قدرة على البناء وجدية في العمل وتصميم على النجاح. الجيل الشاب اليوم يعيش على ما تحقق من إنجازات على أيدي هؤلاء المؤسسين الكبار، مقاماً وإنجازاً ورؤية.
لذلك، فإننا نقول دوماً إن الشعب الذي لا يفهم ماضيه، ولا يستوعب منه العبر والدروس، لن يكون قادراً على التعامل مع تحديات الحاضر واستحقاقات المستقبل. هذا هو نهج الإخلاص والجد في العطاء، فما عهدناه من ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا هو تلاحم أبناء الشعب مع قيادة الدولة لتذليل كل ما نواجهه من تحديات.
فالتنمية هي مقياس أداء الحكومات، وهذا المقياس هو المعمول به عالمياً اليوم. وحينما تقاس الحكومات وأداؤها يؤخذ بعين الاعتبار مدى التقدم الذي حققته الدولة، ومدى التنمية التي صنعتها. وهذا هو المقياس الصحيح، وينبغي على المجتمعات أن تتفاعل مع برامج التنمية ومشاريع الإعمار، وأن يتوجه كل مواطن إلى الإنجاز والفاعلية، من أجل بناء وطنه.
في كل بلد هناك فئة من المواطنين تطالب بأشياء كبيرة، ونحن لا ننكرها على هذه الفئة. فتلك المطالب من حقها، وصانها القانون بالنص عليها في النظام الأساسي في الدولة.
وعندما تطالب هذه الفئة بحقوقها المشروعة، فإن عليها أن تدرك أن الدولة وظفت الإمكانات كافة لتحقيق متطلبات الشعب، وهي لا تمنع أحداً من المطالبة بحقوقه. لكن وفي المقابل، يجب على هذه الفئة رعاية مصالح الوطن ومكتسباته. وعلينا جميعاً أن نحافظ ونصون الوطن ونقدر ونحترم ونجل قادتنا وتكريسهم لوقتهم للعمل الدائم ومتابعتهم للممارسات كافة التي من شأنها أن تنهض بالمواطن أولاً والوطن ثانياً.
يكون من المؤسف تصرف البعض عندما يطالب بحق من حقوقه التي قد تتأخر بسبب عذر ما، فيتحول إلى «ناكر للجميل» وينتقد ويصرح بأن الوطن لم يقدم له شيئاً، قيادتنا كما يعلم القاصي والداني، توجه القطاعات الحكومية كافة لتلبية مطالب الشعب، وهي تأمر بالمنح وإعطاء كل ذي حق حقه. وهذا لا ننكره ولا ينكره أحد، لا من قريب ولا من بعيد. وعندما يخطئ مسؤول في إحدى الوزارات أو الدوائر، فإنه يجب ألاّ نعمم الخطأ على الجميع.
واجب على الموظفين كافة، على اختلاف مستوياتهم، أن يكونوا أكثر قرباً من الناس، وأن يتفهموا حاجاتهم ومطالبهم. إننا نريد من المسؤولين أن يتفانوا ليكونوا عنوان إمارات الخير.
لكن، ومثل كل شعوب الأرض، تبقى فئة ممن لا يعجبه العجب. فمثلهم لا يمكننا إقناعه بعظم المنجزات ولا بضخامة المصروفات، ابتداء من التعليم والطرق والمساكن والخدمات، وانتهاء بالمرافق الترفيهية.
نريد من الشعب المحافظة على ما تم إنجازه من أعمال كلفت الكثير من المال والوقت والجهد. الشعب القوي هو الذي يقدر ما تحقق من إنجازات ويدرك أن كل هذا لا يتحقق إلا بقوة مؤسسات الدولة. فالدولة القوية تضم بين صفوفها رجالاً ونساء قادرين على مواكبة تحديات العصر.
خدمة الإمارات واجب على الجميع، فقيمة الإنسان بعطائه وعمله وعلمه، لأن العمل خالد. فاليوم أبناء هذا الوطن المعطاء، وبكل فخر، أضحوا يشكلون السواعد القوية القادرة على بناء المزيد من صروح التطور والتقدم.
فالمسؤوليات التي تقع على عاتق الجميع أمانة عظيمة وبذل مستمر وعطاء سخي. لن تتوقف طموحات وتطلعات الإمارات، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، كل في مكان وجوده. وما نجنيه من نجاح اليوم، هو إنجاز كافح أجدادنا لبنائه، ولن نقف أمام الشدائد.
فعزائمنا نحن شعب الإمارات كفيلة بتحقيق غايتنا. أما القلة القليلة المتذمرة والمنتقدة لكل شيء، فنقول لها: كفاكم تذمراً وشكوى، ولنكن عمليين أكثر وإيجابيين، ونجد الحلول بدلاً من التشكي العقيم، فالإمكانات متاحة والأرض خصبة والهمم عالية.
أمانة الأخذ مثلها مثل أمانة العطاء.