وهم يسمى «التميّز»

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

التميّز يجسده إنجازات المؤسسات بأنواعها، والأفراد بمختلف فصائلهم، لاسيما إن كانت تشكل قيمة مضافة فإنها تحدث نقلة نوعية في مجال ما، والمدارس أيضاً تعيش في حالة تنافس دائم لتحقيق تميزها وتواصل مسيرة بناء الأجيال.
ولكن دعونا نسأل: هل يعقل أن تشترط المدارس ذات التقييم «ضعيف أو مقبول» تميز الطلبة الجدد عند التسجيل؟ وهل يغير الطلبة المتميزون من أمرها شيئاً؟ وإذا اقتصر التعليم في بعض المدارس على المتميزين فحسب، فمن سيعلم الطلبة أصحاب المستوى المتواضع؟ ومن منح تلك المدارس الحق في فرض هذه القيود؟ 
شواهد رصدناها في موسم التسجيل للعام الدراسي المقبل 2023 - 2024، لتأخذنا إلى «فوضى القرارات» في بعض المدارس الخاصة التي تخرج علينا من آن لآخر، بممارسات تستفز مجتمع التعليم بفئاته، فكيف لمثل هذه المدارس أن تبحث عن التميز وهي نفسها لا تعي مفهوم التميز وسبل تحقيقه؟
وهنا قد تحرم قرارات واشتراطات بعض المدارس وسياستها الداخلية طالباً من التعليم؛ بسبب وهمٍ تعيشه يسمّى التميز؛ لاسيما أن الطالب غير مسؤول عن صناعة مجد مدرسة أو تميزها، وجودة المخرجات مجرد دليل على جودة النظام التعليمي بكامل محتوياته في أي مدرسة.
نحترم السياسة الداخلية لكل مدرسة، ونتقبل الشروط والضوابط التي تفرضها، ولكن بحدود يقبلها العقل والمنطق، ومن المؤكد أن توصيات الرقابة التي صنفت تلك المدارس ب«ضعيف أو مقبول»، لم تلزمها بالبحث عن الطلبة المتميزين كأداة تخرجها من دائرة تواضع «المستوى» وتدني «التقييم».
التعليم في المدارس سواء كانت حكومية أو خاصة «متميزة أو ضعيفة»، حق مكفول لجميع الطلبة بمختلف مستوياتهم؛ فالمهمة الأساسية التي وجدت من أجلها مؤسسات التعليم تقتصر على تعليم الطلبة، والمعالجة المعرفية لكل متعلم.
ونقولها كلمة حق، لم ترتقِ هذه المدارس في التقييم، إلا بقيادة فعالة قادرة على التغير والتطوير، ولم تفلح إلا باختيار كوادر متميزة مهنياً ومهارياً، ولا مجال أمامها للتميز، إلا إذا ركزت على التعليم قبل «أرباحه»، وأدركت مهمتها الرئيسية بإدارة واعية واستراتيجيات حديثة تواكب التطورات.
كان الله في عون فرق الرقابة والتقييم التي تتابع وتضع تصنيفات وتوصيات، وتقابلها مدارس بسياسات وقرارات تؤثر سلباً في الميدان؛ إذ لم تسأل نفسها يوماً، كيف سيكون حال الطالب بعد إقصائه من التسجيل لتواضع مستواه التعليمي؟ وهل فكرة التعليم ستظل راسخة في الأذهان بهذه الممارسات؟
نحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة من المعنيين؛ لوقف نزيف قرارات وممارسات بعض المدارس الخاصة التي تؤثر سلباً على التعليم والمتعلمين، فلماذا لا نعلمهم كيفية انتقاء الطلبة وسبل معالجة الضعف المعرفي لدى البعض؟ وندلهم على طرائق أداء المهام وتحقيق التميز والإنجازات؟.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xps5jv6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"