عادي
مطالبات بالعودة إلى كراسة الخط

التقنيات التكنولوجية تهدد مهارات الكتابة لدى الطلاب

01:52 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: آية الديب
تسبب زيادة الاعتماد على التقنيات التكنولوجية الحديثة في تلقي الطلاب للتعليم، في فجوة تعليمية كبيرة، حيث أدى التعليم «عن بعد» بالتزامن مع جائحة «كورونا»، إلى حدوث فاقد تعليمي للطلاب، تسعى مختلف المدارس لاحتوائه حالياً، أبرزها تراجع مهارات اللغة لدى الطلاب، لاسيما مهارات الكتابة، غير أن هذا التراجع لم يقتصر على الكتابة باللغة العربية فحسب، بل تراجعت كذلك مهارات الكتابة باللغات الأخرى، وشمل التراجع طلاب المدارس، الحكومية، والخاصة ومدارس المناهج الأجنبية والمدارس التي تطبق منهاج وزارة التربية والتعليم.

في رصد ل«الخليج» لهذه الظاهرة، تلقت شكاوى من أولياء أمور، أكدوا فيها تدني مستوى الكتابة لأبنائهم، باللغتين العربية والإنجليزية، مؤكدين أن توقف أبنائهم عن التعليم الصفي لمدة عامين، بالتزامن مع مكافحة جائحة «كوفيد 19» أدى إلى تدني مهارات الكتابة لديهم، وسوء الخط.

وفي المقابل، أكدت إدارات مدارس أنها استشعرت انخفاض مستوى مهارات الكتابة لدى الطلاب وزيادة عدد الطلاب ذوي الخط السيئ، مرجعة هذه الظاهرة إلى تطبيق التعليم «عن بعد» خلال محاربة جائحة كورونا التي كان تعليم الطلاب خلالها تعلماً ذكياً واختباراتهم رقمية.

وأوضحوا أن ضعف مهارات الكتابة، يؤدي إلى مخرجات تعليمية ضعيفة لدى الطلاب، وأن المدارس تفتقد «كراسة الخط» التي باستخدامها يدرب الطالب يده على مهارة الكتابة، مشيرين إلى أنهم بدأوا تنفيذ خطط لتنمية مهارة الكتابة لدى الطلاب وتحسين خطوطهم، إلا أن لمس نتائج هذه الخطط سيحتاج إلى وقت طويل، وأن تحقيق نتائج أسرع في هذا الشأن يحتاج لتعاون أولياء الأمور.

وأشاروا إلى أن ظاهرة ضعف مهارة الكتابة والخط السيئ لدى الطلاب، يجب أن تتم معالجتها بداية من طلاب الحلقة الأولى، تجنباً لتواصل الضعف مع الطالب في المراحل الدراسية اللاحقة، لافتين إلى إمكانية اتباع أساليب مشوقة في تشجيع الطلاب على الكتابة، كأن يقرأ الطالب قصة، ومن ثم تكليفه بكتابة ملخص القصة.

تخصيص حصة

أكد أولياء الأمور: أماني عبد العظيم وهدير عبد الله وشيماء ناصر وأحمد خليل، أنهم يواجهون صعوبات خلال المتابعة الدراسية لأبنائهم نتيجة لسوء خطوطهم، مؤكدين أن توقف أبنائهم عن التعليم الصفي لمدة عامين، بالتزامن مع مكافحة جائحة «كوفيد 19» أدى إلى تدني مهارات الكتابة لديهم ما تسبب في سوء خطوطهم.

وطالب أولياء الأمور بإلزام المدارس بتنفيذ خطط وأنشطة من شأنها الارتقاء بمستوى مهارات الطلاب الكتابية، أو تخصيص حصة دراسية، ولو لمرة واحدة أسبوعياً، لكي يستهدف فيها المعلمون تحسين مهارات الكتابة لدى الطلاب وتحسين الخط لديهم، مؤكدين أن تدني مهارة الكتابة لدى الأبناء يؤدي إلى تدني مستوى تحصيلهم الدراسي.

مستوى كارثي

قال عمر عبد العزيز مدير مدرسة حكومية في أبوظبي: «استشعرنا انخفاض مستوى مهارات الكتابة لدى طلابنا، ولمسنا هذه المشكلة في امتحانات الفصل الدراسي الثاني، حيث كان مستوى كتابة الطلاب كارثياً، وكان تدني مستوى مهارة الكتابة بارزاً لدى طلاب الحلقة الثانية مقارنة بطلاب الحلقة الثالثة، ومن هنا عكفنا على إعداد خطة لتحسن مهارة الكتابة والقراءة لدى الطلاب، لاسيما وأن المعلمين أكدوا وجود ضعف في مهارات الطلاب القرائية أيضاً».

وأضاف: «خاطبنا أولياء الأمور لإحضار دفاتر للأبناء تخصص لتحسين الخط، وخصصنا خزائن داخل الفصول الدراسية لحفظ هذه الدفاتر داخل الفصل حتى لا ينساها الطلاب، وفي الوقت المناسب يخاطب المعلم طلابه لإحضار هذه الدفاتر وتنمية مهارة الكتابة لديهم، وفي هذا الصدد اجتمعنا كذلك مع المعلمين وتم توجيههم للتعاون من أجل تنفيذ هذه الخطة بما يصب في مصلحة الطلاب في نهاية المطاف».

وتابع: «مبادرتنا لتحسين خط الطلاب وتنمية مهاراتهم الكتابية شملت تنمية مهارة الكتابة لكل من اللغتين العربية والإنجليزية، وتجاوب معنا أولياء الأمور في تنفيذ الخطة وبعد أيام قليلة من التنفيذ بدأنا نتلمس المؤشرات الإيجابية وتحسّن مهارة الطلاب الكتابية».

اكتشاف المعلم

قال خالد السعيدي، مدير مدرسة حكومية: «بشكل عام، نعاني من إشكالية مهارات القراءة والكتابة لدى طلاب الحلقات الثلاث، وهذا ناجم عن عدم اكتشاف الفروق الفردية بين الطلاب، استناداً إلى أن معلم الحلقة الأولى عليه اكتشاف مهارات الطلاب ومستواها، ومن ثم تنميتها وتحسينها ضمن جهوده في الصف، وفي حال عدم اكتشاف ضعف مهارة الطالب خلال الحلقة الأولى يستمر الضعف معه في الحلقات التي تليها».

وأضاف: «يقف وراء ضعف مهارة الكتابة لدى الطلاب عدم تعاون أولياء الأمور مع المدارس، فكثير من أولياء الأمور يغيبون عن الاجتماعات الدورية التي تنظمها المدارس، وبالتالي لا يطّلعون على المستوى الأكاديمي لأبنائهم إلا في نهاية العام الدراسي، وحل مشكلة سوء الخط وضعف مهارات الكتابة هو حل تشاركي بين المدرسة وولي الأمر».

كراسة الخط

تابع خالد السعيدي: «قلّ ارتباط طلابنا بأهمية استخدام القلم نتيجة التعلم الإلكتروني، حيث يلجأ الطلاب حالياً لطباعة الملخصات والأسئلة وحل الواجبات، كما نفتقد في مدارسنا «كراسة الخط» التي باستخدامها يدرب الطالب يده على مهارة الكتابة.

وأشار إلى أن تنمية مهارات الخط لدى الطلاب في اللغة العربية يتم من خلال تركيز جهود المعلمين في حصص اللغة العربية والتربية الإسلامية والمواد الاجتماعية، وكذلك على معلمي اللغة الإنجليزية الاجتهاد في تحسين مهارة الطلاب في الكتابة بالإنجليزية.

وقال: «يمكن أن يتم اتباع أساليب مشوقة في تشجيع الطلاب على الكتابة، كأن يقرأ قصة ومن ثم يكلفه والده بكتابة ملخص القصة في دفتر خاص به، وعلى المدرسة تكليف الطالب بمهام كتابية وإجراء البحوث وتعزيز مهارات القراءة والتلخيص».

استخدام الحواس

قال الدكتور عيسى الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية في دول الخليج: «الاعتماد التام والكلي على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة تولدت منه ظاهرة مشكلة الخط وإجادة الخط لدى الطلبة، وكذلك عدم تطبيق قواعد اللغة في الكتابة بشكل جيد، مؤكداً أن استخدام اليد في التعليم يحسن من مهارة الكتابة، ويعزز مما تعلمه الطلاب، استناداً إلى أن استخدم الحواس كالسمع والنظر واليد يسهم في إتقان ما يتعلمه الطلاب بشكل أكبر».

وأضاف: «كان حريّ بالمدارس، أو المؤسسات التعليمية، أن تقوم بإعداد برنامج لمعالجة المشاكل اللغوية، بما فيها الخط للطلبة، أو لتعويض الفاقد التعليمي اللغوي ومهارات الكتابة، إلا أن علاج هذه الظاهرة بادرت به مدارس في إطار مبادرات فردية ضمن جهودها لتعويض الفاقد التعليمي الذي خلفته جائحة كورنا.

وأكد أن أولياء الأمور عليهم متابعة أبنائهم، والتركيز على جوانب الضعف في التعليم بشكل عام لدى الأبناء، بما فيها اللغة العربية، وبالأخص الكتابة، وفي حال وجد ولي الأمر أن ابنه يعاني ضعفاً في مهارة الكتابة عليه الاستعانة بمعلم الصف والتواصل معه وبحث إمكانية حل مشكلة الطالب ورفع مستوى مهاراته الكتابية.

وتابع: «بعد فترة من التواصل مع معلم الطالب، على ولي الأمر أن يتابع ويقيّم مستوى ابنه مجدداً، فإن وجد أن مستوى ومهارات ابنه الكتابية لا تتحسن عليه الاستعانة بالمؤسسات المعنية بتعليم اللغة، والاستعانة بها لتنمية مهارة الكتابة لدى ابنه».

ودعا المدارس الحكومية والخاصة إلى تخصيص أوقات خلال العطلات الأسبوعية، أو بعد الدوام المدرسي، أو حتى خلال عطلة المدارس في الصيف، لتنفيذ دورات تدريبية تستهدف تحسين المهارات اللغوية للطلاب، على أن تشمل الدورات المهارات الأربع للغة، وهي: مهارات القراءة والكتابة والاستماع والتحدث.

جهد أكبر

قال عمران كشواني، معلم لغة عربية، بشكل عام يكون تحسين خط الطلاب ضمن الخطط التشغيلية والفنية للعملية التعليمية، وبالتزامن مع جائحة فيروس كورونا «كوفيد19» والتي تم خلالها تطبيق نظام التعليم عن بعد، وجدنا ضعفاً كبيراً في مهارات الكتابة للطلاب، ما يستلزم تنفيذ جهود إضافية لمعالجة هذا الضعف.

وأضاف: «بدأنا تنفيذ خطط لتنمية مهارة الكتابة لدى الطلاب وتحسين خطهم، إلا أن لمس نتائج لهذه الخطط سيحتاج إلى وقت طويل يتراوح ما بين عام وعامين، وتحقيق نتائج سريعة في هذا الشأن يحتاج إلى تعاون أولياء الأمور معنا، وعدم إلقاء عبئء علاج هذه المشكلة على الكوادر التعليمية في المدارس فحسب».

وتابع: «من المؤسف أننا نعاني ضعف مستوى مهارة الكتابة لدى الطلاب، وأن هذا الضعف، لاسيما في اللغة العربية، يطال أموراً كثيرة، حيث نواجه أخطاء نحوية ولغوية، فضلًا عن عدم وضوح الخط، وفي حال انشغال أولياء الأمور عن دعم جهود المدارس في تنمية مهارة الكتابة لدى الأبناء عليهم الاستعانة بدور مساند».

كتابة تعبيرية

قال حاتم درويش، مدير مدرسة خاصة في أبوظبي «لدينا إشكاليات كبيرة تتعلق بجميع المهارات خاصة في مرحلة الإعداد من الصفوف الرابع وحتى السادس، والذين بدأت ممارستهم للكتابة خلال محاربة جائحة كورونا، حيث كان التعلم ذكياً، وكانت الاختبارات رقمية، ما كان له دور في إبعاد الطلاب عن تحسين مهارة خطهم».

وأضاف: «بدأنا علاج ظاهرة سوء الخط لدى الطلاب من خلال تخصيص أول 5 دقائق من حصص مادتي اللغة العربية واللغة الإنجليزية للكتابة التعبيرية والإملاء، وبالنسبة للطلاب الأصغر سناً من خلال الاعتماد على كراسة الخط، وبشكل عام مهما تطور التعليم وأدواته التكنولوجية لا يمكن الاستغناء عن القلم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/34btyktz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"