عادي
زيادة عشوائية أثارت قلق الأسر

مدارس خاصة تتحدى الرقابة والنسب المقررة للرسوم

01:55 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

منذ أسابيع قليلة، كشفت الجهات المسؤولة عن التعليم الخاص، عن نتائج تقييمات المدارس الخاصة للعام الدراسي الجاري (2022-2023)، التي تعد المؤشر الأساسي الذي يحدد أحقية أي مدرسة في طلب زيادة الرسوم من عدمه، وفقاً لمشاهدات ومتابعات فرق التقييم، وهذا يعني أن زيادة الرسوم ليس أمراً عشوائياً، لكن، وعلى الرغم من تحديد نسب الزيادة التي تحاكي تقييمات المدارس، إلا أن بعض الإدارات المدرسية زادت رسومها خارج غطاء النسب المعتمدة، من دون الحصول على موافقات من الجهات المعنية.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، إشكالية عدم التزام بعض المدارس الخاصة بنسب الزيادة في الرسوم الدراسية التي ترتبط مباشرة بالتقييمات، ودور الجهات المعنية لردعها، وكيفية التعامل معها بشكل يحقق العدالة بين جميع الأطراف، ضماناً لاستقرار العملية التعليمية.

أثار قرار بعض المدارس الخاصة زيادة رسومها غضب شريحة كبيرة من أولياء الأمور، لاسيما وأن الزيادة المفروضة أضعاف النسب المقررة، وفي الوقت الذي يستعد فيه الميدان التربوي، لوداع العام الدراسي الجاري، تعالت شكاوى أولياء الأمور بسبب زيادات الرسوم في مدارس أبنائهم، بما يخالف نصوص نسب الزيادة ب 3 أضعاف، لتتوالى عليهم التنبيهات بسرعة السداد ضماناً لتسجيل أبنائهم للعام الدراسي المقبل، مطالبين بتشديد العقاب على المدارس غير الملتزمة.

في المقابل نفت إدارات مدرسية فكرة عدم الالتزام بالمقرر من الزيادات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقييمات، معتبرين أن المدارس التي تخرج عن سرب الرسوم والزيادة المعتمدة لها، تضع نفسها في مأزق حقيقي ومخالفتها جسيمة، وينبغي أن تعاقب عليها، لتعود إلى رشدها وتلتزم باللوائح.

لكن أظهرت عملية رصد ل«الخليج» وجود عدد من المدارس الخاصة التي نبهت أولياء الأمور إلى زيادة رسومها بشكل مبالغ فيه، قبل إعلان نتائج التقييمات، وظلت على موقفها حتى بعد انتهاء التقييم، وإدراجها ضمن الفئات المعتمدة في تصنيف المدارس: (متميز، جيد جداً، جيد، مقبول، ضعيف، ضعيف جداً)، وتتحدد بموجبها قيمة الزيادة، لتشكل أعباء جديدة تثقل كاهل الأسر.

وفي المقابل، أكدت جهات معنية أنه لا زيادة في الرسوم إلا بموافقة مسبقة، ويسبقها طلب رسمي يتلاءم مع تصنيف المدرسة في تقييمات العام الجاري، وفق ضوابط ومعايير محددة.

مشهد التقييمات

قبل أن ننخرط في مضمون شكاوى أولياء الأمور وإشكالية المدارس غير الملتزمة، «الخليج» تسلط الضوء على مشهد التقييمات ونسب الزيادة المعتمدة التي ينبغي أن تلتزم بها كل مدرسة بحسب نتائج التقييم، إذ كشفت الجهات المعنية بالتعليم الخاص في 3 إمارات، هي «أبوظبي ودبي والشارقة»، عن نتائج التقييم لمدارسها العام الدراسي الجاري (2022-2023)، وتبقى نتائج التقييم لمدارس 4 إمارات: عجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة في علم الغيب، إذ أنها تابعة لإشراف وزارة التربية والتعليم التي لم تعلن عن تقييمات مدارسها حتى الآن.

وفي وقفة مع دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، نجد أنها أتاحت ل196 مدرسة خاصة في الإمارة زيادة الرسوم الدراسية للعام الأكاديمي المقبل 2023-2024 بنسب تتراوح بين 2.25% و3.94% من قيمة رسومها للعام الجاري، حيث ستحصل المدارس التي حققت تقييم «متميز» في برنامج «ارتقاء» على نسبة زيادة قدرها 3.94 %، مقابل 3.38% للمدارس الحاصلة على تقييم «جيد جداً»، و2.81% للمدارس الحاصلة على تقييم «جيد»، و2.25% كحد أقصى للمدارس ذات تقييم «مقبول»، أو «ضعيف»، أو «ضعيف جداً».

الرقابة والتقييم

هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، أخضعت 199 مدرسة خاصة للرقابة العام الجاري، واعتمدت زيادة الرسوم بنسبة 3% للعام المقبل (2023-2024)، إذ يحق للمدارس التي ارتقت من «ضعيف جداً» إلى «ضعيف»، أو من «ضعيف» إلى «مقبول»، أو من «مقبول» إلى «جيد» طلب تعديل رسومها بضعف النسبة المقررة «3% مضروباً في 2»، ويحق للمدارس التي حافظت على تقييمها في آخر دورة للرقابة، طلب تعديل رسومها بنسبة 3%، فيما يحق للمدارس التي ارتقت من «جيد» إلى «جيد جداً» تعديل رسومها بنسبة 3% مضروباً في 1.75، والمدارس التي ارتقت من «جيد جداً» إلى «متميز»، يحق لها طلب تعديل رسومها بنسبة 3% مضروباً في 1.5، ولا يحق للمدارس التي تراجع تقييمها، طلب تعديل رسومها أو زيادتها للعام الدراسي المقبل.

أما هيئة الشارقة للتعليم الخاص، فأخضعت ما يقرب من 101 مدرسة إلى التقييم، واستندت إلى إطار عمل ضبط الرسوم المدرسية الذي يربط تقييم كل مدرسة مع النسبة المحددة لتعديل الرسوم للعام المقبل، ويحق لمدارس التقييم «ممتاز» رفع رسومها إلى 5% بحد أقصى، مقابل 3.75% لمدارس التقييم «جيد جداً»، ويحق للمدارس التقييم «جيد» رفع رسومها بنسبة 2.5%، الحاصلة على تقييم «مقبول» 1.25%، ولا يحق للمدارس «الضعيفة والضعيفة جداً» رفع رسومها.

أضعاف الرسوم

في وقفة مع أولياء الأمور، أكد كل من: مهران علي وسمية عباس وعبد الله آل علي ومهرة مروان، أن مدارس أبنائهم فرضت زيادة على الرسوم للعام الدراسي المقبل، أضعاف ما تم اعتماده من نسب للزيادة بحسب تقييم كل مدرسة، موضحين أن تعميم الزيادة جاء قبل إعلان نتائج التقييم، ومن دون موافقة مسبقة من الجهات المعنية، كما تنص اللوائح، ليضعوا أولياء الأمور في الاختيار الصعب، إما قبول الزيادة العشوائية المجحفة، وإما البحث لأبنائهم على مدارس أخرى.

وأفادوا بأن إدارات المدارس لديها سبل متعددة لجني الأرباح سنوياً، وتتقن وسائل الحصول على الموافقة لزيادة الرسوم، فإذا نجحت الجهات المعنية في التعليم الخاص من ضبط إطار الرسوم، نجد الزيادة تأتي في الرسوم الإضافية المتمثلة في رسوم الحافلات، أو الكتب، أو الزي المدرسي، أو من خلال الرحلات والأنشطة اللاصفية خلال العام الدراسي.

تفكير مادي

طالب أولياء الأمور المدارس الخاصة بتغيير طريقة تفكيرها المادية، إذ إن الزيادة المتكررة والمتنوعة تشكل أعباء كبيرة على الأسر، لاسيما التي لديها أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة، موضحين أن هناك بعض المدارس التي لا تقدم برنامجاً تعليمياً يوضح خطتها الدراسية من مصروفات ورسوم ونظام الجودة على مدار العام، وتكتفي بالعمل على اختراع بنود ونشاطات جديدة لالتهام مزيد من الأموال.

كما طالبوا الجهات المختصة بالتدخل العاجل لوقف تجاوزات تلك المدارس، مراعاة لظروف الأسر، لاسيما محدودة الدخل، وعدم قدرتها على تحمّل أعباء الزيادة التي تفرضها المدارس بلا مبرر، ويفضل أن يكون هناك استبيانات سنوية في بداية العام الدراسي، ونهايته، لمعرفة رأي أولياء الأمور في الأداء ومستوى الخدمة والملاحظات السلبيات والمشكلات التي شهدها العام الدراسي في كل مدرسة.

غطاء النسب

في المقابل نفى فريق من مديري مدارس خاصة ضم: سلمى عيد ورانيا حجازي وحميدان ماضي وخلود فهمي، فرض زيادة عشوائية على الرسوم، ومن دون العودة إلى الجهات المختصة، أو الخروج عن غطاء النسب المقررة وفق تقييمات الرقابة العام الجاري، مؤكدين أهمية عدم تعميم ظاهرة عدم الالتزام بقوانين ضبط الرسوم، لاسيما وأن هناك مدارس تعمل في صمت، وبالتزام تام، وتسعى دائماً لتقديم مخرج تعليمي عالمي بعيداً عن الابتزاز المادي المستخدم من مدارس أخرى.

وأفادوا بأن الزيادة في الرسوم تخضع لاعتبارات عدة، ولا توافق الجهات المعنية إلا في ظل وجود مبررات.

رغبات المدارس

في وقفة مع فريق آخر «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، أكدوا أن الرسوم المدرسية لا ترتفع بحسب رغبات المدارس، كما يعتقد البعض، وإنما هناك مبررات لرفعها، مثل التوسع في المباني، واستقطاب هيئات تدريسية وزيادة المختبرات، والجودة في التعليم يلزمها صرفاً مادياً، معتبراً الاتهامات التي توجه لكل المدارس الخاصة مجحفة.

لجان للإقرار

أكدت جهات معنية التزامها بتشكل لجان مختصة لإعداد تقارير مفصلة حول المدارس التي ترغب في الحصول على زيادة رسومها، وتحقيق عملية التوازن لصاحب الترخيص أو لولي الأمر، وحذرت المصادر المدارس الخاصة من فرض أي رسوم إضافية، إلا بالرجوع إلى الجهات التربوية المختصة، موضحة أنه لا زيادة في الرسوم من دون موافقة يسبقها التقصي وجمع المعلومات والتقييم.

موقف مناقض

في موقف مناقض لسلوكات المدارس غير الملتزمة، قررت مدارس خاصة في مختلف إمارات الدولة، عدم زيادة رسومها للعام الدراسي (2023-2024)، إذ رصدت تأخر أولياء أمور طلبة في سداد رسوم العام الجاري، ترافقه طلبات بخصومات إضافية وتأجيل الدفعات المتبقية، أو تقسيطها، فما كان عليها إلا إقرار عدم زيادة الرسوم مراعاة لظروف الأسر.

احتساب الرسوم

ترتبط قيمة الرسوم الدراسية ارتباطاً وثيقاً بالخدمات التي تقدمها المدارس الخاصة: «تعليمية أو خدمية أو متعلقة بالرعاية والمتابعة، ونوعية التعليم وجودة المخرجات»، فضلاً عن قيمة الاستهلاك الخدمي في كل مدرسة، إضافة لذلك التقييم التي تظهر عليه المدرسة كل عام، إذ يتحكم في أحقيتها في زيادة الرسوم، أو بقاء الوضع كما هو عليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/38889fyc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"