هل بدأ عرش الدولار بالأفول؟

22:21 مساء
قراءة دقيقتين

د. علي توفيق الصادق *

العملة الاحتياطية (أو العملة الأساسية)، هي عملة أجنبية تحفظ بكميات كبيرة من قبل البنوك المركزية أو السلطات النقدية الأخرى كجزء من احتياطياتها من العملات الأجنبية. ويمكن استخدام العملة الاحتياطية في المعاملات الدولية والاستثمارات الدولية وجميع جوانب الاقتصاد العالمي. وكان الجنيه الاسترليني في المملكة المتحدة هو العملة الاحتياطية الأساسية لمعظم دول العالم في القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين. وبحلول منتصف القرن العشرين، أصبح الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم. وجاءت بداية مسيرة هيمنة الدولار الأمريكي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، من خلال مؤتمر«بريتون وودز» عام 1944، حيث وافقت أربع وأربعون دولة على إنشاء صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكان رأس مال كل من المؤسستين بالدولار الأمريكي، باعتباره العملة الاحتياطية العالمية، والدولار الأمريكي هو في الأساس العملة الافتراضية في التجارة الدولية، ووحدة حساب عالمية. لذلك يحتفظ كل بنك مركزي، وخزينة، وشركة كبرى على وجه الأرض، بجزء كبير من ممتلكاتها من العملات الأجنبية بالدولار الأمريكي. وفي ظل نظام «بريتون وودز»، كان الدولار مرتبطاً بالذهب، وكانت معظم العملات الأخرى مرتبطة بالدولار. ونتيجة لهذا الترتيب، تم استخدام الدولار كتدخل رئيسي، وبالتالي العملة الاحتياطية. ومحدودية قابلية تحويل بعض العملات، وعلى وجه الخصوص، في السنوات الأولى من نظام «بريتون وودز»، دعمت أيضاً استخدام الدولار كعملة احتياط. ولكن مع انهيار نظام «بريتون وودز»، وتقلبات أسعار صرف الدولار وصعود القوى الاقتصادية العالمية الأخرى، كانت هناك تنبؤات مختلفة بزوال الدولار كعملة احتياط أساسية. ولكن الدولار ما زال مهيمناً على الاحتياطيات العالمية، كما يبينه توزيع الاحتياطيات العالمية لعام 2022 التالي:

58.4 في المئة للدولار الأمريكي، 20.5 في المئة لليورو، 5.5 في المئة للين الياباني، 4.9 في المئة للجنيه الاسترليني، و2 في المئة لليوان الصيني، ونحو 9 في المئة لباقي العملات.

وتشير أدبيات الموضوع إلى عدد من العوامل الرئيسية التي تحدد استخدام العملة للاحتياطيات: حجم الاقتصاد المحلي، أهمية الاقتصاد في التجارة الدولية، حجم الأسواق المالية وعمقها وانفتاحها، قابلية تحويل العملة، استخدام العملة كربط عملة، وسياسات الاقتصاد الكلي المحلية. والمتوقع أن تصبح الأسواق الناشئة أكثر تطوراً وتكاملاً مع الأسواق المالية العالمية. كما أن تنمية الأسواق المالية مصحوبة بسياسات اقتصادية كلية سليمة والأسواق المفتوحة، أدت إلى زيادة الدور الدولي لعملات الأسواق الناشئة وتنويع أكبر لاحتياطيات العملات الأجنبية. ومع ذلك، ستظل الولايات المتحدة الأمريكية تحتفظ بسياسات اقتصاد كلي سليمة، وأسواق مالية عميقة وسائلة ومفتوحة وسيظل الدولار هو العملة الاحتياطية الرئيسة لعقود قادمة عدة.

* مستشار اقتصادي

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xutdwec

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"