للدلال حدود

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

التنمر ظاهرة عالمية تعاني منها المجتمعات كافة، إذ تتنوع مسبباتها، وتتعاظم نتائجها، وتتعدد أشكالها وتختلف فيها الظروف والأطراف، فتارة نراها بين طالب وآخر، وتارة أخرى بين زملاء العمل، وثالثة نجدها بين الأفراد في الشوارع والأماكن العامة. 
في مجتمع التعليم، من الطبيعي أن نشاهد التنمر بين الطلبة في أعمارهم المتقاربة وإيجاد طرائق للعلاج يعد أيضاً أمراً طبيعياً، إذ يجب تلقين المتنمر والمتنمر عليه دروساً وإرشادات، تعيد الأول إلى رشده، وتعلم الثاني التعاطي مع هذه السلوكيات.
استوقفني موقف غريب لا يمت لطبيعة الأمور بصلة، إذ تنمر طالب في الصف الثامن منذ أيام على نائب مدير مدرسته، وتجاوز معه حدود الأدب والاحترام ليعتدي عليه بالسب والضرب، لأنه منعه من تدخين السيجارة الإلكترونية داخل الحرم المدرسي.
وهنا نحن لسنا أمام واقعة تنمر عادية، يعاني فيها المتنمر بسبب ظروف أسرية أو نفسية أسهمت في انحراف سلوكه مع الآخرين، ولكننا نعاني من مشكلة قلة «التربية»، فالمعتدي على معلمه أو أي تربوي، لا تقدير لظروفه ولا مبررات لسلوكه، والخلل يظهر جلياً في تربية الطالب وتقويمه ولا يسأل أحد عن سلوكياته إلا الوالدان.
ونحن نتساءل.. متى يتحرر بعض أولياء الأمور من قيود قفص الاتهام الذي فرضته عليهم سلوكيات أبنائهم؟ وإذا كان أحد الطلبة يتعامل هكذا مع الكوادر التربوية في مدرسته التي تعد أحد مقدسات العلم، فكيف يتعاطى مع المجتمع وأفراده خارج نطاق المدرسة؟
المعلم والتربوي في ميادين العلم قيمة وقامة، واحترامهما واجب مقدس، ولا يجوز أن يتطاول طالب على بناة الأجيال بهذه الطريقة التي لا ينفع معها لائحة سلوك ولا مجلس تأديب، فالمدارس وجدت للعلم والمعرفة لبناء الأجيال، وما يأتينا من سلوكيات دخيلة، تجسد بالدليل والحجة مدى تدني البيئة التي تربى فيها الطالب.
 لا يليق أن توجد هذه النوعية من السلوكيات في مجتمع التعليم؛ فالكوادر التعليمية كافة، تسخر جهودها وحياتها لتعليم الطلبة والارتقاء بهم معرفياً وتعليمياً ولا نقبل مطلقاً أن يكون السب والضرب مكافأة لهم، ونؤيد الآراء التي تطالب بأهمية ضبط سلوكيات الطلبة، لا سيما التي تشكل ممارسات تتجاوز حدود الأدب والأخلاق.
«الدلال له حدود والتربية لها أصول» والآباء الذين يضربون بعرض الحائط قواعد حسن التربية، ويتجاهلون مبادئ الأخلاق عند تقويم أبنائهم، هم من يستحقون العقاب والمساءلة، وليس الأبناء، وليعلموا أن كنوز الأرض لا تفي المعلم جزءاً بسيطاً عن جهوده التي يقدمها لرفعة الطالب علمياً ومعرفياً، ومسؤولية التصدي لتلك السلوكيات من نصيب المجتمع بكامل فئاته، فلماذا لا نربي أبناءنا وفق هذه المقولة: «اجعل من يراك يدعو لمن رباك».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/47mb8hxf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"