صعود «بريكس»

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لم يعد الغرب وحده صاحب اليد الطولى في التحكم بالثروات العالمية؛ إذ إن العقدين الماضيين شهدا أطواراً مختلفة، كسرت هيمنته، بظهور تكتلات اقتصادية تنافس بشراسة، كمجموعة «بريكس» التي هدفت إلى الوقوف أمام استحواذ «مجموعة السبع» التي تتشكل من أهم الدول الغربية واليابان، وتهيمن على جزء كبير من الثروات العالمية.

 «بريكس» التي تضم (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، أصبحت أحد أهم التجمعات الاقتصادية في العالم، فأرقام النمو التي باتت تحققها، مكنتها من أن تكون في موقف الند أمام التكتل الغربي، الأمر الذي شجع دولاً عدة للمسارعة إلى تقديم طلبات الانضمام إليها، ما يشكل تحدياً ل«السبع» التي بدأت سيطرتها على الاقتصاد العالمي تخفت رويداً رويداً، وقد كشف أنيل سوكلال سفير جنوب إفريقيا لدى تحالف الأسواق الناشئة، عن أن 19 دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة.

 على الرغم من حداثة إنشاء «بريكس» مقارنة ب«السبع»، فإنها استطاعت التفوق على الأخيرة، في جوانب كثيرة، وأصبحت في الوقت الراهن ذات وزن اقتصادي كبير، كما أنها تتقدم بشكل كبير من الناحية الديمغرافية؛ حيث يعيش فيها 3.2 مليار شخص، مقابل 800 مليون شخص في دول السبع، أي أن «مجموعة الخمس» تشكل نحو 40% من سكان الكرة الأرضية، و40% من مساحة العالم.

 «بريكس» تهدف بالدرجة الأولى إلى وضع حد للهيمنة الغربية، وإنهاء نظام القطب الواحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة، ولأجل ذلك سارت بخطى ثابتة في التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي، وتعزيز التعاون البيني، وتنشيط التجارة، والسعي إلى خلق نظام اقتصادي عالمي ثنائي القطبية، وكسر الهيمنة الغربية بحلول عام 2050، كما تسعى دول المجموعة إلى إطلاق عملة موحدة بينها، تنهي هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي، فبوتين شدد على أن «بريكس» تعمل على تطوير عملة احتياطية جديدة على أساس سلة العملات للدول الأعضاء. كما أن المجموعة بدأت بالفعل خطوات عملية عبر اتفاقيات مصرفية ونقدية لتبادل العملات المحلية، لتقليل الاعتماد على العملة الأمريكية.

 أصبح من البديهي أن الغرب لم يعد وحده في الميدان، لأن الصعود ليس حكراً عليه، فمن حق الدول النظر إلى مصالحها، والسعي إلى خلق أنظمة خاصة بها، حتى لا تكون رهينة بيد غيرها، هذا الغير الذي لا يتوانى عن شهر سيف التهديدات الاقتصادية، وتنفيذ عقوبات على الدول التي لا تقبل بسياساته، وخير مثال على ذلك روسيا التي حوصرت اقتصادياً من كل جانب، بينما واجهت الصين ولا تزال حرباً تجارية، لأنها أرادت بناء شخصية مستقلة، وبناء تحالفات، وهذا ما لا يرغبه الغرب، الذي يرى أنه الأحق بكل شيء، بينما الآخرون مجرد أتباع يستغلهم لمصالحه فقط.

 العالم تغير، والمجتمع الغربي بدأ يتنبه لما يحدث حوله؛ لذا فإن المنافسة على أشدها، والمؤكد أنها ستفضي إلى نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، لكن الأمل ألا تتطور المشاحنات إلى مواجهة مباشرة، لأننا ساعتئذ أمام حروب وكوارث.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bd4a4zx8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"