عادي
أردوغان: علينا إظهار قوة ديمقراطيتنا.. وكيليتشدار: اشتقنا للديمقراطية

الانتخابات التركية: تكتيك جديد للمحافظين.. وجولة إعادة محتملة

14:41 مساء
قراءة 5 دقائق
الخليج - متابعات
يرى مراقبون ومحللون، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه (حزب العدالة والتنمية) يواجهان منافسة قوية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، الأحد، لأول مرة منذ سنوات عديدة، عازين ذلك إلى الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها أنقرة وأتت على القوة الشرائية للأتراك، وتركت الكثيرين غير قادرين على تحمل شراء حتى المواد الغذائية الضرورية. وهو الأمر الذي يواجهه أردوغان وحزبه المحافظ بتكتيك جديد، فيما يبدو في الأفق وبحسب استطلاعات الرأي، فإن هذه الانتخابات لن تحسم من الجولة الأولى وأن هناك جولة إعادة محتملة.
بدء عملية التصويت
مع انطلاق عملية التصويت في الانتخابات، أعرب الرئيس التركي المنتهية ولايته أردوغان، الأحد، عن أمله في أن تكون نتيجة الانتخابات الرئاسية «جيدة لمستقبل البلاد»، بدون أن يصدر تكهنات بشأن فوزه.
وقال أردوغان: «من المهم أن يدلي جميع الناخبين بأصواتهم بدون قلق حتى الساعة 17,00 (14,00 ت غ) لإظهار قوة الديمقراطية التركية». وذلك بحسب «فرانس برس».
وفي المقابل صرح كمال كيليتشدار أوغلو، المرشح للرئاسة التركية والمنافس الرئيسي للرئيس الحالي لأردوغان، بعدما أدلى بصوته في الانتخابات في أنقرة إن بلاده «اشتاقت للديمقراطية».
وقال كيليتشدار أوغلو وفقاً لـ«فرانس برس»: «اشتقنا جميعاً للديمقراطية ونفتقد وقوفنا معاً ومعانقتنا لبعضنا بعضاً»، مؤكداً: «سترون الربيع يعود إلى هذا البلد إن شاء الله وسيستمر إلى الأبد».
وأكد مراقبون ومحللون بحسب «رويترز» أنه في السنوات العشر الأولى له في السلطة تمكن أردوغان وحزبه من الحفاظ على قاعدة الناخبين المؤيدة لهما، المكونة أساساً من الأتراك ذوي الدخل المنخفض والمسلمين المحافظين، عبر تسجيل نمو اقتصادي قوي.
لكن أزمة غلاء المعيشة التي أثارها برنامج أردوغان الاقتصادي على مدار فترة عام ونصف العام حتى الآن أدت إلى تآكل شعبيته، ليواجه أكبر التحديات الانتخابية في 20 عاماً قضاها في السلطة. حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية 54 في المئة على أساس سنوي في إبريل/نيسان، مع انخفاض التضخم إلى 43.7 في المئة بعد أن بلغ ذروته في أكتوبر/تشرين الأول عند 85.5 في المئة، وهو أعلى مستوى خلال حكم أردوغان.
وظل التضخم السنوي أكثر من 10 بالمئة طوال خمس سنوات تقريبا منذ الانتخابات العامة في 2018. وبدأ يرتفع بشدة بعد أزمة العملة في أواخر عام 2021، والتي نجمت عن سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة وفقاً للسياسة الاقتصادية غير التقليدية لأردوغان.
وخسرت الليرة التركية 44 في المئة من قيمتها في عام 2021 و30 في المئة في عام 2022. وتراجعت إجمالي 76 في المئة في الولاية الرئاسية الثانية لأردوغان، والتي شهدت عدة أزمات للعملة بسبب السياسات الاقتصادية غير التقليدية وتطورات جيوسياسية مثل حرب أوكرانيا والخلافات بين أنقرة وواشنطن.
وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد أردوغان أقل من خصمه الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو قبيل الجولة الأولى من التصويت، على الرغم من أن الفارق تقلص في الآونة الأخيرة. ولا يزال الغموض يكتنف السباق البرلماني، مع احتمال فوز المعارضة بأغلبية ضئيلة.
تكتيك انتخابي جديد
مع تعرض بقائه في السلطة للخطر، لا يدع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باباً إلا ويطرقه في حملته الانتخابية؛ إذ يخوض منافسة شرسة لاجتياز أصعب اختبار سياسي له حتى الآن في مواجهة المعارضة.
ويواجه أردوغان، وهو نجل قبطان بحري، رياحاً سياسية معاكسة شديدة قبل انتخابات، الأحد، فبينما كان يعاني تحميله مسؤولية أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد جاء الزلزال المدمر في فبراير/شباط، ليترك حكومته متهمة ببطء الاستجابة في تطبيق لوائح بناء كان من المحتمل أن تنقذ أرواحاً.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه استطلاعات الرأي أن المنافسة قوية، قارن المنتقدون الظروف الحالية بتلك التي جاءت بحزبه إلى السلطة عام 2002 في انتخابات خيَم عليها أيضاً تضخم مرتفع واضطراب اقتصادي.
وتعهد خصوم أردوغان بإلغاء كثير من التغييرات التي أدخلها الرئيس الحالي على تركيا، والتي سعى إليها في إطار رؤيته لمجتمع متدين ومحافظ له كلمة على المستوى الإقليمي.
ومع وجود كثير من الأمور على المحك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يستهدف أردوغان، الذي فاز في أكثر من عشر انتخابات، وفقاً لـ «رويترز» منتقديه بتكتيك انتخابي جديد، حيث يتهم المعارضة بالسعي إلى الاستفادة من كارثة الزلزال، وقام بعدة زيارات لمنطقة الزلزال، حيث لقي أكثر من 50 ألف شخص حتفهم، وتعهد بإعادة الإعمار سريعاً ومعاقبة من خالفوا لوائح البناء.
وملأ أردوغان الفترة السابقة للانتخابات باحتفالات بإنجازات صناعية، بما في ذلك إطلاق أول سيارة كهربائية تركية وتدشين أول سفينة هجومية برمائية، والتي تم بناؤها في إسطنبول لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع.
وأسرع أردوغان بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود، ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومنحت وسائل الإعلام الرئيسية تغطية واسعة لأردوغان، بينما لم يحظ منافسه الرئيسي في الانتخابات كمال كيليتشدار أوغلو بمثل هذا الاهتمام الإعلامي، ما أثار اتهامات من المعارضة بعدم إتاحة الفرص المتكافئة.
وشملت حربه على تحالف المعارضة الرئيسي اتهامات بأن التحالف يتلقى دعماً من حزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمرداً منذ الثمانينات أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألفاً.
ورد كيليتشدار أوغلو، الذي حصل على تأييد حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، بالدفاع عن حقوق الأكراد واتهم أردوغان بمعاملة ملايين الأكراد كإرهابيين.
وفي إطار مساعيه لاستعادة شعبيته بين الناخبين المحافظين، أدلى أردوغان أيضاً بتعليقات مناهضة لـ«المثلية الجنسية»، ووصف حقوق مجتمع الميم بأنها مفهوم «منحرف» سوف يحاربه.
جولة إعادة محتملة
تشير استطلاعات الرأي إلى أن الانتخابات يمكن أن تحتاج إلى جولة إعادة ويظهر بعضها أن أردوغان ليس متقدماً. ويشير هذا إلى عمق أزمة كلفة المعيشة. حيث أطلقت السلطات حملة من خفض أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المرتفع بهدف تعزيز النمو الاقتصادي، لكنها أدت إلى انهيار العملة في أواخر عام 2021 وتفاقم التضخم.
وعلى الرغم من وجود دلائل تشير إلى أن حزبه يمكن أن يعود إلى سياسات تقليدية بشكل أكبر، أكد أردوغان الشهر الماضي، أن أسعار الفائدة المنخفضة سوف تستمر ما دام بقي في السلطة وأن التضخم سينخفض مع ذلك.
وكان الاقتصاد إحدى الركائز الأساسية لأردوغان خلال العقد الأول له في السلطة، عندما كانت تركيا تتمتع بالازدهار المستمر مع مد طرق جديدة وبناء مستشفيات ومدارس جديدة وارتفاع مستويات المعيشة لسكانها البالغ تعدادهم 85 مليون نسمة.
وقالت سيدا دميرالب، رئيسة قسم العلاقات الدولية في جامعة إيشيك في إسطنبول: «إذا خسر، فسوف يضر ذلك بصورته. لكن بالنسبة لمن يحبونه، فإنهم لن يتخلوا عنه بسهولة».
وقالت التركية حليمة دومان: «إن الأسعار المرتفعة جعلت السلع في كثير من محال البقالة ليست في المتناول بالنسبة لي، لكني ما زالت مقتنعة بأن أردوغان لا يزال قادراً على حل مشاكلها».
من هو أردوغان؟
نشأ الرئيس التركي في حي فقير بإسطنبول، والتحق بمدرسة مهنية إسلامية، ودخل السياسة كزعيم للشباب في حزب محلي. وبعد أن شغل منصب رئيس بلدية إسطنبول، صعد إلى المستوى الوطني كرئيس لحزب العدالة والتنمية، وصار رئيساً للوزراء في عام 2003.
وتمكن حزب العدالة والتنمية بزعامته بحسب «رويترز» من «تعزيز الروابط مع الجيش التركي الذي أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960، وفي عام 2005 بدأ محادثات لتحقيق طموح استمر عقوداً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تعطلت لاحقاً.. لكن مساعيه لفرض سيطرة أكبر سببت حالة استقطاب في البلاد».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4btndv2z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"